محمد عبد الخالق يكتب لمجلة حرة مقال جديد “بلا قمة بلا قاع … حرضوا الشباب على الإبداع”

 

انفض مولد الثانوية العامة، وعرف كل طالب مجموعه، ويجلس الجميع الآن كاتما أنفاسه في انتظار تنسيق الدخول للجامعات، كل منزل به طالب أو طالبة في الثانوية العامة يعيش حالة انتظار وترقب، يعد الساعات ليعرف ماذا ستجني يداه بعد سنوات من التعب والمذاكرة، وآلاف الجنيهات – تصل إلى أرقام مهولة- التي تم إنفاقها على الدروس الخصوصية.

هذا باختصار حال التعليم حاليا، الذي يشبه حاليا اللعبة الشهيرة المنتشرة على الهواتف Subway Surfers الكل يجري دون هدف سوى جميع أكبر عدد من العملات أو النقاط أو الدرجات.

الفلسفة التي يجب أن تحكم عملية التعليم تتلخص في الاتجاه لأنواع وأشكال مختلفة من التعليم يحتاجها المجتمع وسوق العمل، ورغم ترديد هذا الشعار منذ عقود طويلة، فإننا في الحقيقة لازلنا نتعامل مع التعليم باعتباره جزءا مهما من الوجاهة الاجتماعية ومكملا لها>

دائما ما نجد الوالدين يتحدثان في لحظات أحلامهما عن رغبتهما في رؤية أبنهما أو ابنتها ضابط أو طيار أو دكتورة أو مهندس … ويكونا في أسعد لحظات حياتهما عندما يحقق الأبناء هذه الأحلام، ليس رغبة في إضافة أبنائهم لشيء جديد في مجالة، أو ثقة في نجاحه العملي والمجتمعي والمادي، فالكثير من حملة هذه الشهادات وغيرها للأسف لا يجدون عملا يوفر لهم حياة كريمة، إلا من رحم ربي.

وللأسف انتقل هذا الفكر العقيم من الآباء إلى الأجيال الجديدة من الشباب الصغير الذي يفتح عينه ووعيه على مطلب واحد فقط، أن يحصل على أعلى درجات، لا أن يبدع أو يتميز أو يضيف أو يختار أو ينتقد، ويستمر في هذه الدوامة حتى يحصل على الثانوية العامة فتكون عملية تغييبه وصبه في القالب تمت بنجاح، فيكمل حياته على السير الذي يتحرك به أوتوماتيكيا منذ طفولته دون حول منه ولا قوة ولا رغبة ولا اختيار.

متى سنتخلص من مصطلح “كليات القمة”، ومتى سأتوقف عن طرح هذا السؤال وما يتولد عنه من أسئلة أخرى مثل: أية قمة هذه؟ وهل العلم به قمة وقاع وخيار وفاقوس؟؟ وهل باقي الكليات يمكن أن نطلق عليها كليات القاع أو كليات الحرافيش؟ خاصة أن كليات “الباشاوات” في فترة من الفترات أصبحت توصف بأنها من كليات القاع الآن؟!.

فقد حسمت الجامعات والمعاهد الخاصة أمر هذه القضية بالضربة القاضية الفنية، عندما أتاحت دخول كليات مثل: الطب والهندسة والعلوم التي تعرف بـ”كليات القمة” بمجموع أقل كثيرا من المجموع الذي تطلبه الجامعات الحكومية، مؤكدة أن هذا الأمر لا يعكس سوى حالة اقتصادية بحتة، فدخول كليات “القمة” أصبح الآن لا يتطلب سوى 70% وأحيانا أقل في الجامعات الخاصة، فالأمر إذن لا يتطلب عقلية متفوقة فذة، وإنما يتطلب توفير أماكن كثيرة في الكليات الحكومية حتى تنتهي هذه الأكذوبة، أو توفير آلاف الجنيهات في جيب ولي الأمر ليلحق ابنه بها.

يا كل أب وكل أم … يا كل طالب يحلم بمستقبل أفضل … والله العظيم ما فيش حاجة اسمها كليات وكليات قاع، ولا فضل لعلم على علم آخر، أو لتخصص على آخر، الفيصل الوحيد الذي يجب أن ننتبه له جيدا أثناء اختيارنا لوجهة دراستنا هو: ما التخصص الذي تحتاجه سوق العمل؟ الذي تضمن أنك ستستفيد وتستمتع أثناء دراسته، ثم تفيد المجتمع –في النهاية- بما درست.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.