بعد تخطيها الأربعين … إياك أن تقول لها: يا “طنط” (حوار تخيلي) كتبه محمد عبد الخالق

دخلت عيادة طبيب الأسنان في نفس موعد زيارتها الدورية، لا شيء جديد، نفس الديكور ونفس المساعدة التي تستقبلها لحجز دورها، ونفس  الوجوه بتعبيراتها المتعبة أو المتألمة أو القادمة للبحث عن شكل ابتسامة النجوم التي وعدتهم بها إعلانات العيادة، الأمر الوحيد الذي كان مختلفا في تلك الزيارة أنها كانت الزيارة الأولى لها بعد احتفالها بعيد ميلادها الأربعين.

جالت مدام (س) ببصرها في الصالة المزدحمة، بحثا عن مقعد فارغ، ثم انتبهت من شرودها على صوت فتاة يافعة تقول لها:

  • اتفضلي يا طنط في مكان هنا.

دون تفكير ردت بحسم:

  • “طنط” مين؟ أنا اسمي “سوسو”.

لم يكن هذا الموقف الأول من نوعه الذي تعرضت له السيدة “س” في الفترة الأخيرة، وهى التي رفضت طوال عمرها أية ألقاب من جميع من يعرفها مهما كان صغيرا في السن، مكتفية باسم الدلع الذي تفضله، الذي يناسب شخصيتها المرحة وروحها الشابة.

لكن الأمر مؤخرا دخل في منعطف جديد، وفجأة انتبهت إلى أن هناك فتيات كبيرات ينادينها بـ”طنط” أو “أبلة” حتى لو تبع هذا اللقب اسم الدلع.

وأن أطفال العائلة كبروا فجأة كبروا وتزوجوا وأصبحوا آباء، نعم؟! ورسميا من حق حفيدة شقيقتها مثلا أن تناديها بـ”تيتة” … يا نهار مش فايت.

لا عزيزتي “سوسو”، الأربعون ليست نهاية العالم، على العكس، فقد يكون بدايته، وهل هناك أجمل من سن الاكتمال؟

إنه العمر الوحيد الذي ذكره الله تعالى في قرآنه الكريم، بصفته عمر الاكتمال، العمر الذي تعانق فيه الروح الجسد ويتآلفان بهدوء وطمأنينة.

أنت الآن أصبحت ناضجة، مكتملة الأنوثة والجمال فاهنئي ببهائك، الأربعون سن حصاد المتعة، أصبح لديك أسرة جميلة مستقرة، ووصلت لدرجة من النجاح في عملك، والأهم أنه من الأكيد أن أحوالك المادية أصبحت أفضل وأكثر استقرارا واستقلالية.

حتى لو لم تفعلي أيا مما سبق، فدعيني أخبرك أنه يمكنك فعله الآن، وبشكل أفضل، ودون تهور أو رعونة أو اندفاع الشباب واختياراتهم الخاطئة.

هل تنتظرين أن أسرد لك قصة جانيت جاكسون التي أصبحت أما في سن الخمسين؟ أم أخبرك أفضل أن الجميلة كاميرون دياز تزوجت للمرة الأولى في سن الـ42، عندما شعرت أنها “مستعدة، وعندما وجدت الرجل المناسب” على حد قولها.

لا تقعي في خطأ البحث عن حياة العشرينات في الثلاثينات، ولا متع الثلاثينات في الأربعينات، فمن غير الحكمة البحث عن فاكهة الشتاء في الصيف، فلكل وقت جماله وروعته، ولكل فصل زهوره.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.