5 مميزات لطرق تعليم الأطفال في اليابان.. هل تعرفيها؟

بحث وإعداد / أ. غادة نظيم 

 أخصائية تعديل سلوك الاطفال و صعوبات التعلم

اقرأ أيضاَ الجزء الأول : نظم تعليم حققت طفرات لشعوبها “اليابان – الجزء الأول”

أولاً: المركزية في التعليم

تتميز اليابان بشكل عام بمركزية التعليم، أو نستطيع القول أن نظام تعليمها يغلب عليه طابع المركزية. ومن إيجابيات هذا المبدأ في التعليم توفير المساواة في التعليم ونوعيته لمختلف فئات الشعب على مستوى الدولة بغض النظر عن المقاطعة أو المحافظة التي وُلد فيها التلميذ أو الطالب، وبذلك يتم تزويد كل طفل بأساس معرفي واحد سواء كان في شمال اليابان أو جنوبها أو وسطها وبغض النظر عن الحالة الاقتصادية لهذه المنطقة، حيث تُقرر وزارة التعليم اليابانية الإطار العام للمقررات الدراسية في المواد كافة بل ويُفصَّل محتوى ومنهج كل مادة وعدد ساعات تدريسها، وعادة لا توجد اختلافات جوهرية تذكر بين المدارس في مختلف مناطق اليابان .

  ثانياً: روح الجماعة والعمل الجماعي والنظام والمسؤولية

يركز النظام الياباني للتعليم على تنمية الشعور بالجماعة والمسؤولية لدى التلاميذ والطلاب تجاه المجتمع بادئًا بالبيئة المدرسية المحيطة بهم، مثل المحافظة على المباني الدراسية والأدوات التعليمية والأثاث المدرسي وغير ذلك. فمن المعروف عن المدارس اليابانية المحافظة على نظافة المدرسة، فأول شيء يُدهش زائر المدرسة اليابانية، وجود أحذية رياضية خفيفة عند مدخل المبنى المدرسي مرتبة في خزانة أو أرفف خشبية يحمل كل حذاء اسم صاحبه، حيث يجب أن يخلع التلاميذ أحذيتهم العادية وارتداء هذه الأحذية الخفيفة النظيفة داخل مبنى المدرسة. وهذه العادة موجودة في معظم المدارس الابتدائية والمتوسطة وكثير من المدارس الثانوية أيضًا.

ومن الشائع في المدارس اليابانية أيضًا، أن يقوم التلميذ عند نهاية اليوم الدراسي بكنس وتنظيف القاعات الدراسية بل وكنس ومسح الممرات بقطع قماش مبللة. بل والأكثر من ذلك غسل دورات المياه وجمع أوراق الشجر المتساقط في فناء المدرسة وكذلك القمامة إذا وجدت!. وكثيرًا ما ينضم إليهم المدرسون في أوقات معينة لإجراء نظافة عامة سواء للمدرسة أو للأماكن العامة

ويتضح أوج هذه المسؤولية وروح الجماعة والتعاون والاعتماد على النفس عند تناول وجبة الطعام في المدرسة. فمن المعروف أنه لا يوجد مقاصف في المدارس اليابانية، ولكن يوجد مطبخ به أستاذة تغذية وعدد من الطاهيات حيث يتناول التلاميذ وجبات مطهية طازجة تُطهى يوميًا بالمدرسة. ويقوم التلاميذ بتقسيم أنفسهم إلى مجموعات إحداها تقوم بتهيئة القاعة الدراسية لتناول الطعام، وثانية مثلاً تقوم بإحضار الطعام من المطبخ، وثالثة تقوم بتوزيع هذا الطعام على التلاميذ بعد ارتداء قبعات وأقنعة وملابس خاصة لذلك.

 إنجاز بعض الأعمال أو الأنشطة للفصل، وبعد المشاورات الجماعية بينهم يعلن واحد من هذه المجموعة باسمها الانتهاء من هذه المهمة. على أن يعاد تشكيل هذه المجموعات من فترة لأخرى أو حسب ما تحتاج الضرورة من وقت لآخر حتى لا تتكون أحزاب أو تكتلات داخل الفصل.

  ثالثاً: الجد والاجتهاد أهم من الموهبة والذكاء

يُركز اليابانيون على مبدأ « الجد والاجتهاد أهم من الموهبة والذكاء الفطري للطفل » وهو على عكس ما هو معروف في كثير من الدول، ويتضح ذلك أيضًا من كثرة استخدامهم كثيرًا للكلمات التي تدل على الاجتهاد والمثابرة مثل كلمة “سأبذل قصارى جهدي” ، “سأعمل بكل جدية”

 فالطلاب اليابانيون يؤمنون بنصح مدرسيهم وآبائهم بأن النجاح بل والتفوق يمكن أن يتحقق بالاجتهاد وبذل الجهد وليس بالذكاء فقط، فالجميع سواسية وخلقوا بقدر من الذكاء يكفيهم.

  رابعاً: الكم المعرفي وثقل العبء الدراسي

ومن المعروف أن نظام السنة الدراسية اليابانية يختلف عن معظم دول العالم .وأيضاً  يقوم طلاب المدارس بالذهاب إلى المدرسة أثناء العطلة الصيفية لبعض الأيام تبعًا لبرنامج محدد مسبقًا، بالإضافة إلى تكليفهم بالقيام بواجبات ومشروعات تتطلب منهم جهدًا ليس بالقليل أثناء العطلة. كما يمارسون طوال العطلة نشاطات رياضية مثل السباحة وغيرها بالمدرسة بشكل منتظم حسب برنامج العطلة المحدد مسبقًا من قبل المدرسة.

وكنتيجة  طبيعية لهذا الجهد الدراسي خلال العام، ويحصل الطالب الياباني على أيام دراسية أكثر من أقرانه في دول أخرى، ويحصل على درجات تفوق أقرانه في الدول المتقدمة في مجالات المعرفة والمقررات الدراسية مثل الرياضيات والعلوم. ويقال أن مستوى التلميذ الياباني في سن الثانية عشرة يعادل مستوى الطالب في سن الخامسة عشرة في الدول المتقدمة. وهذا يدل على الرقي النوعي للتعليم في اليابان.

  خامساً: الحماس الشديد من الطلاب وأولياء الأمور للتعليم وارتفاع المكانة المرموقة للمعلم

وحتى يتسنى لنا فهم المزيد عن نظام التربية الياباني وبخاصة هذا الاجتهاد والجد من قبل الطلاب والآباء والمدرسين، يجب أن ندرك نقطة مهمة وهي أن هذا النظام ربما يعكس الحماس الزائد للشخصية اليابانية تجاه التعلم.

هذا الحماس الزائد ربما يكون له عوامل كثيرة مثل طبيعة الشخصية اليابانية الفضولية التي تبحث عن الجديد دائمًا، وكذلك خبرة اليابانيين في استقبال الكثير من الثقافات المختلفة وتطويعها لثقافتهم. ولكن العامل الأهم ينبع من حضارة شرق آسيا بشكل عام وموقفها من التعليم.

بعد إلقاء هذه النظرة على أهم ملامح نظام التعليم في اليابان نجد أن هذه المميزات التي شكلت هذا النظام التعليمي والذي يعجب به الجميع، تشكل عيبًا أيضًا في بعض النظريات التربوية مثل شدة المركزية والتركيز على المعرفة والحفظ وثقل الأعباء الدراسية وجحيم الاختبارات. وبالرغم من تحقيق المساواة في التعليم والمساواة في تكافؤ فرص التعليم، إلا أن جحيم الاختبارات والتنافس الشديد والإقبال الشديد على التعلم، أوجد فوارق بين المدارس إلى حد ما، واحتدت المنافسة أيضًا للالتحاق بالمدارس الثانوية المرموقة ومن ثم إلى الجامعات الكبرى المرموقة التي توفر فرصًا مرموقة للعمل. ولذلك فإن نظام التعليم الياباني يُعتبر مميزًا عن نظم التعليم الأخرى، ويعتبر ناجحًا بالطبع وقد أدى المطلوب منه في اليابان ولكن هذا كان على حساب قيم أو أهداف أخرى لم تتحقق، وهذا ما يعترف به اليابانيون أنفسهم تجاه نظامهم حيث يشعرون أن روح الجماعة مثلاً كانت على حساب الفردية والإبداع.

المصادر : السفارة السعودية باليابان -الملحقية الثقافية Royal embassy of Saudi Arabia.Tokyo – لمحة عن التعليم في اليابان – المعهد العربي الأسلامي في طوكيو – الملحقية الثقافية

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.