“غادة حامد تكتب ” سحرة سناب شات و انستجرام

اذا كنت من متابعي السوشيال ميديا ، او لم تكن ، فلابد ان وصلك وهج هذا السعير المنتشر او مستك شرارته عبر شاشات المحمول .

و سواء كان لك حساب علي احداها او لم يكن ، لا تقنعني انك لم تقع تحت شباكها من خلال الواتس اب او غيره التي يرسلها اصدقاؤك لك يوميا .

فقد زاد حقا انتشار السوشيال ميديا في السنوات الاخيرة  حتي اصبحت تشري كالنار في الهشيم ، تتوهج و تنتشر بلا توقع و لا سيطرة . قد يطولنا شظاياها و تصيبنا الامها لكنها تنير عقولنا بتوهجها ان احسنا استخدامها.

و قد كثر مريدي  السوشيال ميديا و كثر سحرتها من الحواة الماهرون في التعامل معها  ، فبهروا  اعين و ادمغة  الملايين من الملتفين حولها اما ليتدفأوا بلهيبها  الذي تبعثه في حياة متابعيها و باحياء صداقات و علاقات قديمة و بانشاء  صداقات وعلاقات جديدة  لاشخاص حقيقيين في عالم افتراضي.. او باحثين عن وهج النور يضئ  لهم طريقهم بالمزيد من المعلومات التي يسهل الحصول عليها بطرقة اصبع علي احد ابوابها او حارقين بها اوقات الفراغ الممللة

و قد اشتعلت نار السوشيال ميديا في  الاونة الاخيرة علي صفحات الفيسبوك ، و حرقت تويتر و سرت بسلام و ثقة لتصل الي  فيديوهات  اليوتيوب و السناب شات و صور الانستجرام  التي تتناثر اضوائها بيننا فننظر اليها بانبهار تارة كما ننظر لصواريخ الالعاب النارية المضيئة التي تنتشر في  السماء فلا نستطيع ان نرفع ابصارنا عنها ، و نسمع فرقاعاتها تارة اخري فنغضب و نثور و ننتفض متذمرين رافضين كل هذه الاضواء و الضوضاء في حياتنا.

و اكثر ما يبهرني  في السوشيال ميديا  ، اكثر من بريق الضوء و سرعته قوة الصوت ووضوحه،  ، هم هؤلاء الشباب السحرة الذين استطاعوا ان يخوضوا في قلب النار المتوهجة بشجاعة  فلم تحرقهم ، بل كانت لهم بردا وسلاما.

فحاول معي  ان ترصد عدد الشباب و الفتيات الذين يلعبون بالسناب شات و انستجرام لعب المحترفين و يجمعون حولهم  مئات الالاف من المتابعين لهم ! لقد بهر هؤلاء الحواة  الناس ، لا بشئ الا بشخصياتهم الجذابة و تعليقاتهم الساخرة و نصائحهم  الساهمة في الصميم النابعة ؛ اما من علم حديث او قوة ملاحظة او خفة ظل او كلهم معا.

و كما تقول الفنانة شيرين ( واخيرا اتجرأت) فقد تجرإ الشباب و البنات و فتحوا الكاميرات  ليواجهوا الملايين بجرأة و يبدأوا في التصريح عن ارائهم في كل تفاصيل  حياتنا و حياتهم اليومية؛  يشكرون و يذمون في اهم المطاعم و الفنادق و يحذرونا منهم بحسب تجارب واقعية لهم فيها او بحسب معلومات عن نوعية الطعام المقدم هناك او شكل الديكور او معاملة طاقم الضيافة ،ينتقدون اشهر الشخصيات او يمدحوا التصرفات التي تعجبهم بحرية تامة فدافعوا عن عمرو دياب ضد شيرين و سخروا من غادة عبد الرازق في مواقفها العديدة ، ينتقدون بخفة ظل  العادات و التقاليد الرديئة المتوارثة ، يقدمون نصائح في الموضة و التغذية و العلاقات و المعاملات ، يظهرون كنجوم السينما في اجمل صورة احيانا و بصور طبيعية و تلقائية احيانا اخري.

حقا ارفع القبعة لهؤلاء الشباب الذين جسروا علي كسر حاجز الخوف من الجمهور و الخوف من التعبير عن الرأي بل و أجادوا بمهارة  كسب قلوب الملايين حتي اصبحوا  متابعين لهم معجبين بهم  .

بعض هؤلاء الشباب تعلم و يفيدنا بعلمه فيعلو بقامته و يقود العديد من المتابعين.

فمثلا يمكنك ان تتابع  علي سناب شات يوميات و نصائح اخصائييين في الصحة و التغذية يصححون مفاهيم   التغذية السليمة و يزيلون الغبار عن فوائد ممارسة الرياضة التي هجرها العامة،  و تتابع علي انستجرام وصفات الاكل الصحية و تري اخريات  علي سناب شات و انستجرام يطلق عليهم ” فاشنيستا ” يعرفون كيف يرتقون بأذواق   الفتيات  و يسجلن فيديوهات صغيرة تشرح في شبه دروس تفصيلية  كل  فنون التجميل و الموضة ، و افضل منتجات  التجميل في السوق ،  و اكثر الاخطاء شيوعا و كيف يمكن تلافيها، و ثالث يحدثنا عن الصحة النفسية و قبول الاخر و التوافق مع الواقع  و التعايش مع التوتر و التخلص من القلق في زحمة ضغوطات الحياة اليومية و رابع يدلي بعلمه في  علوم التكنولوجيا و خامس يحدثنا عن طرق نطق المصطلحات الانجليزية الدارجة بشكل صحيح. 

انهم يقدمون المعلومة  ببساطه شديدة و مجانية  عجيبة و تنافس رهيب . حتي اصبحت السوشيال ميديا تغنيك في كثير من الاحيان عن وسائل الاعلام التقليدية مثل الصحف و المجلات و التليفزيون! فقد نري  البعض  يتصفح السوشيال ميديا وهو يحتسي قهوته اليوميه قبل ان ينزل الي عمله، او يلقي نظرة علي  حسابات من يتابعهم علي السوشيال ميديا بدلا من برامج التليفزيون المملة

و المثير في كل هذا و ذاك هو ، كيف تعلم شبابنا مهنا جديدة لم تكن موجودة من قبل ، و اتقنوها و حققوا  من ورائها ارباحا سخية ، وعروض عمل ، و هدايا ، و دعاية لم يكن يعرفها او تخطر ببال أهلهم الذين لم يحلموا بأكثر من شهادة جامعية لابنائهم و يا حبذا لو كانت في الطب او الهندسة

فتحية لجيل حر ،  فكر و تعلم و قرر اجتياح العالم الجديد، فأبدع و اشتهر و ربح و نال ما استحق ، من مهنة جديدة اوجدها في السوق بنفسه و تعب ليكون فيها رائدا وهو في عمر الزهور،  و يجمع عنها معلومات و يجمع حوله الملايين. و انا لا ابالغ حين اقول الملايين من المتابعين.

  لقد أصبح السوق مفتوحا  لكل ما لذ و طاب من المعلومات، فتنهل ما تشاء حينما تشاء و تلفظ الفاسد فيهوي علي الارض و تدوسه الاقدام بلا عناية و لا اهتمام . مرحبا بالسحرة الجدد الذين شغلوا اعين الناس و استولوا علي اذانهم و اعينهم و لو لدقائق كل يوم ليتابعوهم باهتمام !

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.