تصدر اسم الفنان عمرو دياب منذ أيام قليلة صفحات السوشيال ميديا والمواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية بعد واقعة صفعه لأحد المعجبين الذي حاول الوصول له وسط الزحام ليحظى بالتقاط صورة سيلفي معه خلال إحيائه لحفل من حفلات الزفاف، ولا يخفى على الكثيرين منكم هذه الواقعة الشهيرة وما أثارته من جدل واسع في الآونة الأخيرة وتباين في الآراء بين مؤيد ومعارض، ولكن السؤال الأهم والذي سيدور حديثنا حول الإجابة عنه خلال هذا المقال وهو ما علاقة هذه الواقعة بظاهرة هوس التعلق العاطفي بالمشاهير وهل أخطأ الفنان عمرو دياب عندما صفع المعجب بالقلم على وجهه أمام جميع الحاضرين والمدعوين في الحفل أم أخطأ الشاب المعجب وتجاوز حدوده عندما فكر في الاقتراب من هذه الشخصية الشهيرة لالتقاط صورة سيلفي تذكره بمطربه المفضل؟
هوس التعلق بالمشاهير (عمرو دياب وضحية الصفعة)
يعتبر هوس التعلق العاطفي بالمشاهير ظاهرة أو حالة نفسية يعاني منها بعض الأفراد تجاه شخصيات مشهورة وعامة، حيث يشعرون بالإعجاب الشديد والمُفرط نحوها.
وقد تكون تلك الشخصيات فنانين أو مطربين أو سياسيين أو رياضيين أو غير ذلك من المشاهير في كل مجال.
وتتجاوز ظاهرة هوس التعلق بالمشاهير حدود الإعجاب وهي تلك الحدود الطبيعية التي قد تنتهي بالتقاط صورة مع فنان شهير أو لاعب كرة قدم بارز أو رجل سياسة مخضرم.
حيث يتحول الإعجاب إلى حالة نفسية تسمى “Celebrity Worship Syndrome” أي الهوس والتعلق العاطفي المفرط.
ويؤثر ذلك التعلق على حياة الشخص نفسه وعلى أحداثه اليومية بشكل كبير مما قد يعرضه للصدمات النفسية والاضطرابات ومحاولة إيذاء النفس في بعض الأحيان.
ولا شك أن ما حدث مع الشاب المعجب بالفنان عمرو دياب يندرج ضمن حالات التعلق العاطفي بالمشاهير لكنه لا يصل إلى درجة الهوس.
إذ تختلف درجات هوس التعلق من خفيفة إلى متوسطة أو شديدة تتطور أعراضها بطريقة مرضية حادة، كما سنوضح خلال سطور هذا المقال.

آثار الصدمة النفسية على الجاني والضحية (عمرو دياب والمعجب)
إذا افترضنا جدلًا أن الفنان عمرو دياب الشخص الجاني الذي ارتكب فعل غير مبرر بصفعه لأحد معجبيه أمام أعين الحاضرين في الحفل.
وأن الشاب ضحية بريئة لم ترتكب أي فعل استفزازي يثير ردة فعل عنيفة من الطرف الآخر، فإن آثار الصدمة النفسية على الضحية ستكون أكثر عمقًا ولكن في نفس الوقت ستعود آثار هذا الموقف على الجاني أيضًا بالسلب.
ففي واقعة الشاب المعجب بالفنان عمرو دياب الذي حاول الوصول إليه لالتقاط إحدى الصور ولكنه فُوجئ بصفعة قوية تهوى على وجهه فقد تكون لهذه الصفقة أثر بالغ على حالته النفسية.
وقد يستمر تأثيرها لفترة زمنية طويلة خاصةً أنها صدمة غير متوقعة ومن شخص متعلق به ويحبه بإفراط.
وللموقف أيضًا آثار اجتماعية سلبية تنعكس آثارها على كلا الطرفين الفنان الذي اهتز عرشه لارتكابه هذا الموقف غير المبرر مما قد يؤدي إلى خسارته لشريحة كبيرة من جمهوره ومحبيه.
والشاب الذي تعرض للإساءة والإهانة أمام أعين الجميع مما يجعله يفقد الثقة بنفسه ويشعر بالخذلان والاكتئاب والصدمة النفسية.

التعريف العلمي لظاهرة هوس التعلق بالمشاهير
هي متلازمة من الأعراض يُطلق عليها باللغة الإنجليزية اسم “Celebrity Worship Syndrome” وهي عبارة عن نوع من أنواع الهوس النفسي التي يشعر خلالها الفرد بحالة من التعلق غير الواقعي وغير المبرر تجاه شخصية مشهورة في أحد المجالات سواء الفنية أو الرياضية أو السياسية.
وتؤثر حالة الهوس على علاقات الشخص المصاب وأحداثه اليومية، وقد انتشرت أمثلة كثيرة لهذه الظاهرة النفسية كان من أبرزها واقعة الشاب المعجب بالفنان عمرو دياب.
فهل يعتبر ذلك الشاب مصابًا بهوس التعلق بالمشاهير أم كان تصرفه مجرد تصرف طبيعي لشخص محب لمطرب وفنان شهير؟
وفي الحقيقة قد تختلف الإجابات عن هذا السؤال فالبعض قد يرى أن الشاب شخصًا طبيعيًا وقع ضحية لتصرف غير لائق صدر من شخصية شهيرة مثل الفنان والمطرب عمرو دياب الذي كان من الجدير به أن يحتوي الموقف.
ويلتقط مع هذا الشاب صورة ويقابله بابتسامة ودودة نظير حب الشاب له وتعلقه وإعجابه به وإصراره على الخوض وسط الزحام واختراق صفوف الحضور حتى يصل إليه بعد مجهود شاق آملًا أن يسلم عليه أو يلتقط معه صورة سيلفي.
والبعض الآخر وقد تكون -أنت عزيزي القارئ واحدًا منهم- قد يرى أن تصرف الشاب كان مجنونًا وأنه تجاوز حدوده، وما كان ينبغي عليه أن يفعل ذلك.
ويثير استفزاز مطربه المفضل الذي بلغ من العمر مبلغًا قد يجعله غير قادر على التحكم في ثباته الانفعالي خاصةً في ظل الزحام وإحياء الحفلات والأفراح.
وأيًا كان رأيك أو تفسيرك لموقف الفنان عمرو دياب فهذه وجهة نظرك ولا مجال للنقاش حولها، إذ يهمنا هنا أن نسلط الضوء على محور مختلف وبُعد آخر وهو ظاهرة نفسية بحتة قد يتغافل عنها الكثيرون.
إنها ظاهرة الـ (CWS) أو متلازمة الهوس النفسي للتعلق العاطفي بالمشاهير – Celebrity Worship Syndrome كما يهمنا أن نتعرف على أسبابها وأعراضها وكيفية العلاج منها.

ما هي أسباب هوس التعلق العاطفي بالمشاهير
ترجع أسباب ظاهرة هوس التعلق العاطفي بالمشاهير إلى مجموعة من العوامل التي قد ترتبط ببعضها البعض فنجد منها على سبيل المثال ما يلي:
- الإصابة ببعض الاضطرابات النفسية التي تساعد في ظهور حالة نفسية جديدة وهي هوس التعلق العاطفي بالمشاهير خاصةً عندما يكون الشخص مصابًا بأحد الاضطرابات العقلية الذهانية التي تثير لديه الأوهام والهلاوس والأفكار غير الواقعية.
- افتقاد القدوة بين أفراد الأسرة والأهل والبحث عنها بين المشاهير في مختلف المجالات، حيث يحاول الشخص الوصول إلى نموذج مفضل بالنسبة له، ويرتبط به كنموذج يُحتذى به.
- ظهور المشاهير بصورة مثالية مما يساعد على جذب الناس وجذب المعجبين إليهم بشكل كبير حيث يرون أن أولئك المشاهير أشخاص غير عاديين لا يخطئون أبدًا ولا يتصرفون كَـ تصرف العامة من الناس وإنما يمثلون بالنسبة للشخص المصاب بـ هوس التعلق النجم اللامع في السماء ولذلك يصبح شديد التأثر والتعلق المفرط بهم أيضًا.
- التأثير الإعلامي حيث يعزز دور الإعلام من تعلق المعجبين بالمشاهير وذلك من خلال تضخيم حياة المشاهير وإظهارها بشكل لافت وأكثر جاذبية للناس وبالتالي يعزز ذلك من شعور التعلق أكثر فأكثر ويسهم في انتشار ظاهرة هوس التعلق العاطفي بالمشاهير.
- الانفصال عن الواقع حيث يلجأ بعض الأشخاص إلى التعلق والولع بحب المشاهير كوسيلة للهروب من المشاكل والضغوط اليومية والحياتية والانفصال عن الواقع، وهذا يدفعهم إلى متابعة أخبار المشاهير على المنصات والقنوات الفضائية المختلفة مما يعزز نمو الأسباب التي تؤدي إلى الهوس العاطفي.
أعراض هوس التعلق العاطفي بالمشاهير
تبرز من بين الأعراض والعلامات ما يلي ذكره:
- متابعة أخبار المشاهير عن كثب وعن قرب والانشغال الدائم والمستمر بأحداثه وما يرد من قصص وأخبار تتعلق بهم.
- توهم المصاب بهوس التعلق بوجود علاقة شخصية وطيدة مع المشهور أو الشخصية الشهيرة التي يتعلق بها.
- التأثر المفرط بأخبار المشاهير وأحداث حياتهم حيث يفرح المريض لفرحهم ويشعر بالحزن الشديد والمفرط عندما يتعرضون إلى موقف سيء أو مرض مفاجئ أو حادث من أي نوع.
- الشعور بالغيرة حيث يغار الشخص المصاب بهوس التعلق على شخصيته المفضلة المعجب بها سواء كانت تلك الشخصية رجل أو امرأة.
- قيام المريض أو المصاب بظاهرة التعلق بسلوكيات غريبة أو مبالغ فيها كأن يسافر من بلد إلى بلد آخر يتطلب مشقة في السفر لمجرد حضور حفل لمطرب شهير أو مشاهدة عرض مسرحي لفنان أو التواجد في حفل توقيع لأحد الكُتاب المشاهير.
- متابعة الشخصية المشهورة وملاحقتها بشكل مستفز في كل الحفلات والندوات والمؤتمرات التي تتواجد بها بالإضافة إلى محاولة الوصول إلى رقم الهاتف الخاص بها فضلًا عن حساباتها المختلفة على منصات السوشيال ميديا.
- ارتكاب سلوكيات خطيرة كالقفز على خشبة المسرح للوصول إلى أحد تلك الشخصيات المشهورة أو السير عكس الاتجاه وعكس إشارة المرور عند رؤية سيارة لأحد المشاهير صدفة في الشارع، مما قد يعرض حياة المصاب للخطر فضلًا عن رد فعل الطرف الآخر، وهو الشخصية المشهورة وكيف سيقابل هذا الموقف من معجبيه، هل سيتعامل مع الموقف بطريقة لائقة وحكيمة لاحتواء الموقف أو سيرتكب رد فعل عنيف كما فعل الفنان عمرو دياب مع المعجب الشاب الذي حاول أخذ صورة تذكارية معه فقام بصفعه على وجهه.
اقرأ أيضًا: ما هو التعلق العاطفي؟
نماذج مصابة بهوس التعلق العاطفي بالمشاهير
يتخذ هوس التعلق بالمشاهير أبعاد خطيرة في كثير من الأحيان خصوصًا عندما يتحول من الإعجاب إلى مرحلة الهوس الشديد ومن أمثلة النماذج المصابة بهوس التعلق العاطفي بالمشاهير حول العالم ما يلي:
سيلينا جوميز: وهي ممثلة أمريكية شهيرة حيث تعرضت لمضايقات شديدة من أحد المعجبين بها الذي وصل إعجابه إلى حد الهوس حيث قام بملاحقتها وتسلل الى منزلها وتهديد حياتها وسلامتها الشخصية وانتهى الأمر بالقبض عليه وإيداعه في أحد السجون بحكم قضائي.
تايلور سويفت: وهي مغنية مطربة شهيرة في أمريكا وقد تعرضت أيضًا للصدمة النفسية والخوف والقلق جراء قيام أحد معجبيها بإرسال رسائل تهديد لها واقتحامه لأحد ممتلكاتها مما اضطرها إلى الدفع بعدد من Bodyguards لتعزيز الإجراءات الأمنية.
الفنان تامر حسني: والذي تعرض إلى مضايقات كثيرة أثناء حفلاته مثل صعود إحدى المعجبات إلى خشبة المسرح بشكل مفاجئ أدى إلى إغمائها مباشرةً ومعجبة أخرى حاولت اقتحام منزله وعندما منعها الأمن من الدخول هددت بالانتحار لكن الفنان تامر حسني قابل الموقف بحسن تصرف وتعامل مع الفتاة المعجبة بحكمة حيث استضافها لبعض الوقت وأهدى لها أغنية بصوته.
الفنان عمرو دياب: والذي تعرض للكثير من الانتقادات في الأيام الماضية لتعديه على أحد المعجبين خلال غنائه في أحد الافراح أو الحفلات.
جون لينون: يعتبر الفنان البريطاني جون لينون من أكثر الفنانين الذين وقعوا ضحية لهوس التعلق العاطفي بالمشاهير.
حيث انتهت حياة هذا العازف الموسيقي الشهير بطريقة مأساوية نتيجة اغتياله على يد أحد المعجبين المهووسين به.
والذي تطورت مشاعره تجاه الفنان “جون لينون” بطريقة مرضية حادة، فأقدم المعجب المصاب بالهوس على قتله أمام منزله في مدينة نيويورك.
اقرأ أيضًا: 8 طرق لعلاج التعلق العاطفي المرضي

طرق علاج هوس التعلق العاطفي بالمشاهير
قد يتطلب العلاج من هوس التعلق بالمشاهير تدخل نفسي متخصص حيث يشمل العلاج أكثر من شق يمكن الاعتماد عليه مثل:
1-العلاج السلوكي المعرفي- Cognitive Behavioral Therapy
يسهل هذا العلاج في تغيير أنماط التفكير لدى المصابين بـ هوس التعلق العاطفي بالمشاهير ويحتاج إلى جلسات متعددة ومتكررة للوصول إلى نتائج إيجابية سريعة.
2- العلاج الطبي الدوائي
قد تحتاج بعض الحالات خاصة في مراحل متقدمة إلى وصف بعض الأدوية والأقراص أو العقاقير لتخفيف من حدة الأعراض المرتبطة بهذه الظاهرة النفسية.
3- العلاج الجماعي عبر جلسات اللايف كوتشينج
يقدم جلسات اللايف كوتشينج خبراء ومتخصصين في الصحة العامة والسلامة النفسية والإرشاد والتوجيه ولديهم الخبرة الطويلة للتعامل مع مرضى التعلق العاطفي بالمشاهير.
حيث يقدمون لهم برامج التوعية المناسبة والإرشادات الصحيحة للتفاعل الصحي والسليم مع المشاهير وفي نفس الوقت يعملون على إعلاء وتعزيز عامل الثقة بالنفس وتقدير الذات لدى مرضى ومصابي هوس التعلق العاطفي.
كما تساعد جلسات العلاج الجماعي سواء كانت أوفلاين أو أونلاين عن طريق لقاءات الزووم ZOOM والبرامج الالكترونية المتخصصة في منح المريض الثقة والطمأنينة.
حيث يشعر أنه ليس بمفرده في تلك المعاناة كما تشجعه تجارب الآخرين الذين يقومون بمشاركتها في تلك الجلسات على العلاج بشكل أسرع وأفضل.