ميثاق المودة و الرحمة

بقلم: أميمة دويدار

“مضطر أحلم لوحدي” عنوان شيق ، وحذاب .. يليق بكاتبة مفعمة بالمشاعر الجياشة الدافئة، التي لا يخلو عمل من أعمالها الأدبية منه، مستعملة أبدع التعبيرات ، وأعذب المفردات التي تتدفق بينأناملها

سهولة ويسر، لتجدك عنصرا من عناصر بناء الرواية وترتوي بأسمى وأجل المعاني الإنسانية.

رواية “مضطر أحلم لوحدي” للكاتبة جيهان جمال التي أسعدني الحظ بقراءة أعمالها الروائية حيث إنك منذ اللحظة الأولة للقراءة تجدك متشبثا بالكتاب، ولا يسمح قلبك وعقلك بتركه قبل الانتهاء منه. وتغوص مع الحكاية وتنتقل بين أحداثها وأزمنتها كما لو أنك إحدى شخصيات الرواية، فالرواية اجتماعية إنسانية تمس جدار القلب. الرواية مقسمة إلى فصول تربط أحداث القصة كسلسلة يصعب فصل بعضها عن بعض، وكذلك عناوين داخل كل فصل، مما سهل قراءتها وفهمها بسهولة ويسر وجعلها أكثر تنسيقا وأيسر في متابعة الأحداث التي تصبح جزءا منها، كما لو أنك تشاهد عملا للمبدع أسامة أنور عكاشة. فالرواية مكتملة العناصر، ورغم أنها اجتماعية تحكي عن الحياة الأسرية فإنها لا تخلو من الإسقاط السياسي الذي يؤكد أن الكاتبة منتمية بمشاعرها وعقلها للزمن الهادىء ..

والشخصية المصرية المسئولة و التى تربينا عليها نحن أجيال الستينيات ، والسبعينيات .. لتظهر لنا أن تلك الحقبة الزمنية في الخمسينيات والستينيات، وكذا السبعينيات .. حقبة نفتقدها الآن .. حيث إنها تقارن بين ما آلت إليه المهن التي كنا نتميز بها ، وكيف تحولنا إلى مستهلكين نستورد ما نحتاج إليه، وكيف أن المصانع أغلقت وكذلك ما كنا نتمتع به من أخلاق طيبة وترابط وشهامة ولاد البلد وحنينها لتلك الأيام التي تشم رائحتها عبر ما تبقى من مبان قديمة، كانت تسهر بها بطلة الرواية زهرة الرواية تعرض نموذجين لأسرتين فشلتا في استمرار الحياة الزوجية، فشلتا في إقامة أسرة أركانها المودة والرحمة، أسرة يغشاها الحب والعطاء، وربما لا تخلو أوقاتها من بعض التنغيصات من حين لآخر، ولكنها تظل ثابتة كالوتد محصنة من تقلبات الزمن. عرضت الكاتبة نموذجين لرجل وامرأة يتمتعان بقدر من القسوة والتغطرس والأنانية تمثلا في شخصية يحيى زوج زهرة، وفادية زوجة كمال، فألقت الضوء على قضية ربما نوقشت في الكثير من الأعمال إلا أنها لن تنتهي ولا يجب التوقف عن الحديث عنها. فكيف للزوجة أو الزوج أن يتحمل فوق طاقته حتى تستمر الحياة بين زوجين جافة، لا توجد نقطة التقاء بينهما، كما لو أنهما يعيشان معا ليعكر أحدهما صفو حياة الآخر ويذيقه مرها. وأن يقبل العيش فقط من أجل أبنائه، رغم خيانة أحدهما لميثاق المودة والرحمة الذي أوصى به الرحمن، فهما أساس نجاح هذه العلاقة وأن يضحي أحد الطرفين بنفسه ويقبل ما لا طاقة له به، ويضطر حقيقة أن يعيش وحده .. على الرغم من انه أمام الناس عكس ذلك وعلى حد تعبير الكاتبة (فهنا على صاحب القلب الكبير أن يتحمل تبعات سوء أقداره).

رواية تستحق القراءة بقلم أنثوي شديد التميز للكاتبة والذى يؤكد أن الكاتبة جيهان جمال. تٓدُق الباب على ماكان ببلادنا من قوة أقتصادية، حيث أنها قارنت بين حالنا الآن فى بلدنا الحبيبة مصر وماحدث فى أحيائها حين أختارت حى عابدين الذى ولدٓت به ” زهرة ” بطلة الرواية لتتحدث ، وتصور لنا ما آلت إليه المهن الحرة والحرفية بحرفية عالية والتي كنا نتميز بها في التجارة والملابس وغيرها من الحِرف والمِهن

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.