يعطي عنوان المقال لمحة عن كاتبته -وكيف لا وهي إليزابيث جيلبرت -والتي تخصصت في هذا النوع من الكتابات-فهي مؤلفة كتاب “طعام، صلاة، حب” الذي تحول إلى فيلم سينمائي من بطولة الممثلة الرائعة جوليا روبرتس منذ نحو عشر سنوات. فالمقال يدور في نفس الإطار الذي تعشقه الكاتبة منذ سنوات وهو البحث عن الذات من خلال تجربة روحانية تجوب فيها أنحاء العالم بحثًا عن بغيتها. كانت الرواية المذكورة بمثابة تسجيل أو تدوين للكاتبة للاستكشاف الروحي والشخصيِ حينما سافرت إلى عدة بلاد.
وفي هذا السياق ترد على جيلبرت تساؤلات آلاف النساء اللاتي قابلتهن في مشوار حياتها وكنّ يبحثن مثلها عن أهدافهن والتي تتعدى مجرد رعاية المنزل والأولاد بالطبع.
عادة ما يتهم المجتمع المرأة بالأنانية إن فكرت في ذاتها بعيدًا عن مهمتها الكلاسيكية كزوجة وأم، وهذا ما تطرحه جيلبرت في هذا المقال الجرئ فهي تتساءل: هل يُعتبر من الأنانية إن أنا فكرت فيما هو أبعد من حياتي الراهنة؟ ترد جيلبرت بالنفي وإليك الأسباب:
أنت كامرأة لديك الحق في أن تحاولي معرفة حقيقة نفسك:
تستهل جيلبرت حديثها الشيق بقولها أن المهمة ليست سهلة- أي معرفة من أنت تحديدًا- فأنت كامرأة حدث فريد في تاريخ الكون. فأنت لم توجدي من قبل بهذه الروح ولم توجد من عاشت هذه اللحظة بالذات غيرك ولم تواجه هذه التحديات على وجه الخصوص سوى أنت فقط. إن وجودك بمثابة لغز أو معجزة وتجربة حياة وخلق كامل، وأنت بالتأكيد يُسمح لك باختبار هذا اللغز الغامض حتى النهاية.
الرحلة الروحانية لا تشبه عطلة المنتجع الصحي.
التحقيق الروحي الحقيقي نادرا ما يجلب الاسترخاء؛ فعليكي أن تتوقعي أن تتعرضي -أثناء رحلة البحث- لحقائق مؤلمة وتنطوي على تحدِ. فنحن عمومًا لا نأخذ الأسئلة الأساسية (أو الوجودية) مأخذ الدعابة لكونها شيئًا يدعو للمرح، إنما نحن نؤخذ إليها دائمًا بمنتهى الانصياع. إن البقاء في إطار هذه الأسئلة، رغم الشعور بعدم الراحة، هو الطريق للشجاعة المنشودة.
أن تفعلى شيئًا لأجل نفسك ليس أمرًا أنانيًا:
في اللغة الإنجليزية هناك تعريفان لكلمة selfish الأول بمعنى أن تفعل شيئًا يفيدك أنت فقط، والثاني يعني أن تفعل شيئًا ينطوي على جشع وأنانية. في الإنجليزية، لا يوجد هذا التوجه. فوفقًا للثقافة المتجذرة، تميل المعتقدات إلى القول بأن أي شيء نستفيد منه يكون جشعًا. ولكن، يمكنك أن تفعل أمورًا رائعة لنفسك دون أنانية بحيث تسلب أحدهم أي شئ أو تحرمه إياه.
إن الذهاب في رحلة روحانية يمكن أن يكون خدمة عامة:
تعتبر الرحلات الروحانية محاولات لتلطيف المعاناة البشرية. وحتى يمكنك تلطيف معاناتك الخاصة، فستستمر في القضاء على هذه المعاناة ليس فقط الواقعة عليك وحدك ولكن على المحيطين بك أيضًا. فالسعداء يجيدون الاعتناء بأنفسهم أكثر من أولئك الذين يعانون. (ألم تر كيف جعلك البؤس والاكتئاب غير قادر على التفكير في أي شخص سوى نفسك؟) بمجرد أن تجد السلام، يمكنك أن تقدم خدمات عظيمة البشرية.
تقول جيلبرت أن هذا بالضبط ما قالته للمرأة البائسة التي قابلتها يومًا ما وتقوله الآن لنا في هذا المقال الثري.
“إذا ما كنت تتوق إلى رحلة ما، فسافر لأجل نفسك، ولأجل الأشخاص المحيطين بك. لأجلنا جميعًا. نحن نتعلم من تجارب بعضنا البعض. فأنا أضمن لك أنك لن تكون الشخص الوحيد الذي تحرره على امتداد طريقك الخاص للحرية.”
المصدر : operah.com