يوم ٧ أكتوبر ..(غزة)
أصوات فرقعة .. اضواء .. صريخ .. عويل .. بكاء ثم .. اصوات تهليل و تكبير و فرحة و رقص …
يوم ٧ أكتوبر (العرب و العالم العربي)
شعور يثلج الصدور بالقوة، بعد الغلبة ، بالنصرة بعد هزيمة طالت ، بالقدرة بعد عجز دام ، لاحت البشائر امام الاعين كومضات البرق في ليلة ممطرة .. شعور مفاجئ بالنشوة تلته سجدات ..شكر .. صيحات تهليل و تكبير يترامي صداها في الاجواء .. تضج السوشيال ميديا بمنشورات لم نرها من عقود مضت (اقترب النصر و اقتربت الساعة) ، صور اهل غزة ..و قد ملأت الفرحة و العزة و الكرامة وجوهم اخيرا.. و الكل يستمع لصوت باسم يوسف و يشارك غمزاته في حواره مع المذيع الاجنبي الشهير ،، رفعه الناس علي الرؤوس و الاكتاف تماما بمحاذاة هنية قائد حماس .. فقد فجر الثاني العدو في غزة بالقنابل و فجر الاول الغرب بملأ السمع و الابصار
يوم ٧ اكتوبر (الغرب ..)
شعور بالمفاجأة .. الصدمة.. التفت الرؤوس جميعا نحو تلك البقعة الصغيرة في خريطة العالم.. بكاء و عويل علي قتلاهم .. صيحات الغرب التي اعتدناها حتي لم تعد تؤثر فينا .. هؤلاء هم العرب المسلمين الارهابيين ينقضون علي الاسرائيلين الابرياء.. يقضون مضاجعهم.. يقتلونهم في عقر دارهم .. حالة غضب .. هجوم .. تردد بين مدافع بين حق فلسطيني قديم ، و بين مهاجم مدين مستنكر لقتل المدنيين الابرياء
اصوات مختلطة بين هجوم و دفاع ، استنكار و شجب وتأييد و دعوات، بين وعيد و خوف و ترقب مما سيحدث و من رد الفعل .. لا تزال اصوات الفرقعات و اضواء البرق تصاحبنا .. يتابع الجميع بتوجس
ليلة ١٧ اكتوبر (غزة)
قذائف ، قصف، ظلام ، يليها فرقعات واضواء كالشهب تنير .. تعالي صوت النحيب والعويل ، ثم صمت .. صمتا يشبه صمت المكتئب العجوز العاجز .. امام اشلاء متناثرة لاطفال ..كبار يبكون كالاطفال و اطفال ارتجفوا من الفزع .. المكان ملئ بايدي و ارجل و اصابع و اقدام و رؤوس تم حصادها .. ضربت اسرائيل المستشفي الممتلئة .. بالاهالي و الاطفال و المسنين و النساء ..ضربوا المرضي و الاصحاء.. .. وجوه جافة بلا دموع .. و قلوب تنزف في صمت ..
ليلة ١٨ اكتوبر
ضربوا بيت العيادة .. ضربوا الكنيسة .. ضربوا اللاجئين الي الله ، المتعبدين ، المسالمين و هم يتضرعون الي الله ..
يوم ١٨- ٢١ (العرب و العالم العربي)
دموع .. دعوات .. صمت.. تبرعات.. امدادات .. الالم يكوي القلوب.. لكنه الم اعتدناه منذ بداية القضية .. شعور بالعجز كامن في الداخل منذ عقود ، نكأته الحادثة .. كان قد قارب علي الالتئام ، و تم فتحه بنصل حامي بقوة و وحشية و همجية .. الشعوب تنزف .. و حكومات عاجزة مشلولة او تدعي الشلل و العجز .. حكومات ادارت وجوهها فالعجز ليس جديد و القضية قديمة.. لغة المصالح تتحدث .. حكومات ادارت وجوهها سريعا و رقصت و امرت شعوبها بالرقص علي دماء الشهداء .. حكومات صمتت و امرت شعوبها بالصمت.. للاسف ان الشعوب العربية اعتادت احساس الضحية، الهزيمة، العجز .. فلم يكن صمتها مفاجئ و ان لم تأمر به الحكومات.. الشعوب في الدول العربية ندر خروجها حتي للتظاهر .. الشعوب العربية اصابها التبلد من كثرة سنوات العجز و الهزيمة، و الحكومات تفكر الف مرة قبل ان تنطق بقرار ادانة او استنكار..للاسف خرس الصوت العربي شعبا و حكومة و رفع صوت الاغاني و الموسيقي ..لان الالم ليس جديدا و القضية قديمة .. تجمدت المشاعر في عز الصيف..
لم يعد العرب يبكون من الالم بل تبلدوا .. التفتوا خلفهم ،، رأوا دماء الشهداء .. رأوا الاشلاء علي شاشات التلفيزيون .. فاداروا وجوههم ورفعوا من صوت موسيقاهم .. و اكملوا رقصهم .. ليس رقص المذبوح بل رقص الالات ..رقص المتبلد، رقص الاموات .. رقصوا و لم يراعوا حتي حرمة دماء الشهداء رقصوا و لم يصلوا علي الجثث و لم يترحموا علي الشهداء و لم يرعوا عهدا و لا دينا و لا ملة .. لم يرعوا حتي الانسانية لم يأبهوا لمشاعر الامهات الثكلي و لا الايتام الذين رأوا بأم اعينهم مقتل اهاليهم و ارتعبوا .. رقص العرب بلا رحمة .. رقص العرب فكانوا اكثر خذلانا لاهل غزة من عدو كريه معروف من قديم الازل.. رقصوا بعد ان ماتت قلوبهم و عقولهم فكانوا اكثر وحشية و فجرا من العدو ..
يوم ١٨-٢١ (الغرب)
دموع .. صدمة.. بكاء .. نحيب.. سيل من الفيديوهات علي السوشيال ميديا .. خرجت الشعوب ..اكتظت الشوارع و الميادين .. تفجرت سيول الصدمة من اعينهم .. الصدمة في مبادئ اعتنقوها ثم اكتشفوا انها تذوب كما يذوب السكر في الماء .. تربي الغرب الحديث علي شعارات الانسانيه و العدل و المساواة و حقوق الانسان و الحيوان و الرجل و المرأة و اللارجل و اللا مرأة .. رفعت حكوماتهم من شأن الاطفال و المسنين .. و في لحظة .. كشفت الاقنعة و ظهرت الحقيقة .. الوحشية ، الهمجية .. الاعتداء و الاغتصاب و القتل الجماعي .. وافقت حكوماتهم علي تفجير الاطفال و المسنين و المسالمين و النساء و المدنيين وافقت علي تمزيقهم لاشلاء متناثرة .. بمنتهي الفجور .. تجلي الوجه القمئ امام الشعوب .. فارتجفوا .. اكتشفوا اكاذيب و خدع “اصدقائهم” الصهاينة الذين طالما تعاطفوا معهم ضد مجازر المانيا و الهولوكوست الذي جابوا العالم ينتحبون و يشحذون تعاطف الامم معهم من جراءه.. سقطت اقنعة كثيرة في اكتوبر ٢٠٢٣ سقطت اكاذيب اعتنقتها الشعوب الغربية ..فثاروا من هول الصدمة و تظاهروا في الشوارع و تكلموا في السوشيال ميديا .. .. لقد ثار الغرب علي حكوماتهم
فوائد القصف
للاسف ثار الغرب و رقص العرب .. ثار الغرب من الصدمة و رقص العرب من ايلاف العجز و القهر .. رقصوا طمعا في “النقطة”، تعرت وجوه حكومات الغرب امام شعوبهم و تعرت اجساد الحكومات امام شعوبهم كراقصة مشوهة لا تجذب الا العميان ..جذبت موسيقاهم كالمغناطيس كل المتبلدين و الاموات و الاشباح الذين يعيشون معنا .. كنا نظنهم ارواحا لكنهم في الحقيقة هياكلا و اشباحا.. وهكذا دائما فان لكل ابتلاء حكمة و لكل ظلمة وجه مضئ او اكثر ..و هو ان تعرف عدوك من صديقك .. تعرف من معك و من ضدك .. و هذه هي الفائدة الاولي
اما الفائدة الثانية و هي الاكبر و الاهم .. ان مناظر القصف و المجازر الجماعية في غزة قد كشفت. النقاب عن حضارة انبهر بها ابناءنا ، فأخذوا يبحثون و ينقبون عن اصل القضية. طبعت في قلوبهم كره المحتل و علمتهم ان لا ينخدعوا بدعوات الصداقة و التطبيع و دعوات ابناء العمومة و السامية .. تأصلت في قلوب ابنائنا و اذهانهم ما لم نكن لنقدر علي غرسه فيهم بالحكايات و الدروس، لقد صنعت اسرائيل جيلا جديدا من العرب سيترعرع علي كرههم و ستأخذه الحمية لاحياء القضية بعد ان تبلدت مشاعر الاجيال السابقة…. كفانا نصرا انهم غرسوا في قلوب ابناءنا كرههم و حفروا في عقولهم مشاهدا لن ينسوها يوما و جندوا جيلا
بأكمله ضدهم .
فسيبقي الحق حيا و سيبقي الباطل زهوقا وان ينصركم الله فلا غالب لكم .