بينما كنت أمرر أصابعي علي شاشة الموبايل لأستعرض آخر ما يتم تداوله علي صفحات التواصل الإجتماعي، لأعرف عناوين الأخبار التي تثير جدل الرأي العام، وقع بصري علي عنوان غريب ، نصه أنه تم تعيين وزيرة للسعادة في إمارة دبي. وزيرة في عمر يناهز الثانية و العشرين ربيعا!
لم أصدق الخبر للوهلة الأولي و قلت لنفسي، هذه مكيدة من مكائد محرري شبكات التواصل. و لكن توالت المصادر و الجرائد تكرر نفس الخبر! عندها توقفت عند مصدر موثوق، ضغطت على الرابط لأقرأ تفاصيل الخبر و أتأكد بنفسي . و كانت المفاجأة؛ إن الخبر حقيقي!
ابتعدت قليلا عن المحمول، ثم و بسرعة اقتربت ثانية و ولكن لأبحث في هذه المرة في جوجل؛ لأبحث عن تساؤل شغل بالي و لم أجد له معنى. و هو (ما معنى كلمة سعادة) طرحت سؤالي على جوجل وانتظرت لأقل من الثانية لأجد تفسيرات عديدة ليس منها ما يشفي غليلي ، فكتبت ثانية (وزيرة السعادة) ، كان كل ما يشغلني حينها ، أن أفهم طبيعة هذه الوظيفة العليا ، فاتضح لي أن دورها هو أن تتعاون مع غيرها من الوزارات لتجد وسيلة لإسعاد المواطن من خلال جميع الوزارات ! ففغرت فاها كما يقولون، و أغلقت الموبايل ووضعته جانبا لأني بدأت أشعر بدوار من كثرة الاسئلة
فكيف يمكن ان تسعد الاخرين؟ كيف يمكنك أن تسعد أفراد أسرتك، أو عائلتك أو أصدقائك أو كلهم مجتمعين و أنت قريب منهم و علي درايه بهم و بأهوائهم و أمزجتهم ؟ كم تبذل من الجهد لتري السعادة في عين من تحب ، ولو للحظات ! حتى الأم التي وهبها الله غريزة الامومة يصعب عليها أحيانا أن تسعد أبناءها، و قد يعيش الإنسان و يموت دون أن يعرف طعم السعادة. فما بالك بإسعاد شعب ، بمختلف الأجيال و الأعراق
طالع أيضا ديكورات وإكسسوارات زارا هوم 2020
أفقت من الدوار علي نوع آخر من الأسئلة : كيف سيتم محاسبة هذه الوزيرة عند نهاية الفترة الوزارية؟ كيف سيتم قياس سعادة المواطنين قبل و بعد إنشاء الوزارة! هل ستحاكم وزيرة السعادة يوما ما لأن المواطنين غير سعداء؟! ولكن كما جاء القرار من خارج الصندوق فلا بد أن أسلوب القياس سيكون جديدا و مبهرا.
و على قدر غرابة المنصب الذي لم أعلم بوجوده من قبل و لم أسمع عنه حتي في البلاد التي ينتحرون فيها من شدة الرفاهية مثل سويسرا و السويد، بقدر ما أدار هذا القرار الرؤوس و أثار العقول . و قد يكون مفهوم السعادة مثيرا للجدل ، و لكن يبقى إسعاد الآخرين دورا شديد الصعوبة، مما يجعلني أشفق علي الوزيرة الشابة منه. فلك الله يا سعادة وزيرة السعادة