من المستحيل أن تجد الحب الحقيقي والصداقة الدائمة إلا إذا أحببنا أنفسنا أولًا. يحاول الأشخاص الذين مروا بعلاقات فاشلة باستمرار البحث عن شئ خارج أنفسهم ليملئوا الفراغ الذي يشعرون به بداخلهم، وهذا الأمر لا ينجح. فالأشخاص الفارغين من الداخل يجذبون إليهم من على شاكلتهم. فهم أكثر تعرضًا للأذى من قِبل الغير حيث يتجهون إلى ملء فراغ حياتهم بالشخص الخطأ الذي يزيد الأمر سوءًا.
إن الحل الوحيد لإيجاد علاقات سوية مع الآخرين هو تطوير علاقتك بنفسك أولًا. هذا الأمر يحل مشكلتين على الفور: أولًا، تصبح صحتك النفسية أفضل، بحيث تصير جذابًا للآخرين وجاذبًا لهم في نفس الوقت. وثانيًا، إذا وجدت نفسك في موقف لا تريده، تعرف كيف تواجهه بمفردك وألا تنزعج من ذلك. الأشخاص الأصحاء نفسيًا لا ينجذبون لأي إنسان على استعداد لأن يجعلهم عالمه الخاص فهم يتخلصون من هذا النوع من الاحتياج الشديد. باختصار، إذا أردت أن تجد الشخص المناسب، بمعنى الشريك المناسب والمحب، فعليك أن تكون أنت قبل ذلك الإنسان المناسب. إن الشخص المناسب يقوم باختيارات صحيحة وجيدة بناءً على ما يريد ومن وما الذي يتسق مع الحياة الطيبة التي ينشدها، حيث يتمتع الإنسان السوي بالثقة والاعتزاز بالنفس الذي ينبع فقط من كونه شاعرًا بالراحة والرضا في حياته الخاصة.
في هذا الإطار تقول كاتبة المقال سوزان إليوت أنها تعودت أن تواجه الحياة وحيدة وبشجاعة بل وتعودت كيف تكون سعيدة أيضًا، وتضيف أنها تعلمت كيف تعتمد على نفسها ولم تجعل احتياجها لشخص بعينه يلعب دورًا في اتخاذها لقرارات بشأن الاستمرار في أي علاقة أو انهاءها.
تستطرد إليوت قائلة: “يسألني الناس دائمًا: ما الذي يلزمني فعله لتطوير علاقتي بنفسي وتنميتها؟ إليكم الإجابة باختصار”
1- تعلم كيف تستمع لنفسك.
تحدث إلى نفسك. اكتشف نفسك وتعلم كيف تكون هادئًا وتتمتع بأوقات هادئة. الأمر غير مريح في البداية ولكن عليك أن تصقل حياتك وتنميها بحيث تجعل الأشياء التي تستحق الاهتمام تصعد إلى السطح.
تعلم كيف تسمع لصوتك الداخلي، لأحاسيسك وغريزتك ولا يمكن أن يتأتى هذا الأمر دون أن تفرغ ذهنك من مشاغله. لا تشغل تفكيرك وذهنك بهاتفك وبريدك الإلكتروني 24 في اليوم بحيث يتشتت ذهنك وينصرف انتباهك وتضعف قوة ملاحظتك التي تحتاجها لترشدك إلى الطريق السليم بحيث تعرف الصواب من الخطأ، وبالتالي تبصرك بما إذا كان الشخص الذي دخل حياتك ملائمًا أم لا.
2- تعلم أن تكون طيبًا مع نفسك:
هل تمنيت في يوم من الأيام أن تتعلم شيئًا جديدًا ولم تفعل؟ ابدأ الآن. احضر دروسًا للموسيقى أو تعلم لغة جديدة أو بعض الأشغال اليدوية. إذا كان لديك من المال ما يكفي للسفر، فافعل. هل يبدو الأمر مرعبًا؟ ربما تكون تلك المرة الأولى ولكنك ستعتاد على ذلك. ليس هناك ما هو أكثر متعة من القراءة في قطار يجوب البلاد -حيث تحكي المؤلفة كيف استقلت القطار في أثناء جولتها الأوروبية واستمتعت كثيرًا- ولكن بشرط أغلق هاتفك وتعلم كيف تتمتع بصحبتك الطيبة وبذلك لن تبقى في علاقة مع الشخص الخطأ مرة أخرى.
3- أطلق العنان لمشاعرك الحزينة:
لا تكتم مشاعرك؛ ابك واغضب وتقبل خسارتك. بمجرد أن تتعلم كيف تواجه أحزانك، لن يصبح “الفقد” شيئًا مرعبًا بعد ذلك. وسيصبح في مقدورك اتخاذ قرارات واختيارات صائبة ولن تصبح فزعًا من فكرة الفقد أو الخسارة كما ستعرف كيف تمر بتلك الفترات العصيبة مهما حدث.
4- كون علاقات صداقة مع أناس أسوياء
تصف لنا إليوت كيف واجهت الحياة عندما انتقلت للعيش في ولاية ماساتشوستس الأمريكية
كيف كانت فزعة إذ كيف ستبدأ حياتها هي وأطفالها بلا زوج حيث كان عليها البحث عن وظيفة مناسبة وهو ما حدث بالفعل. نصحها احدهم بأن تصادق فقط النساء اللاتي يحصلن على ما يردن وهذا ما طبقته إليوت، حيث كونت علاقات صداقة بنساء قويات ينعمن بحياة صحية وسعيدة.
5- تعرف على برامج التأمل والاسترخاء
تنصح إليوت بأن يدلل كل منا نفسه؛ خذ حمامًا دافئًا مع فقاقيع الصابون المنعشة أو اذهب إلى الناد الصحي في منطقتك، وهذا بالطبع يتطلب الابتعاد عن التكنولوجيا لفترة فلا هواتف ولا حواسب فقط الاستماع إلى موسيقى الاسترخاء أو تمرينات التأمل الذي يمكنك تحميلها من الانترنت على جهازك الشخصي.
6- تعلم كيف تتمتع بالرحلة وحيدًا وقدّر كم هو جميل أن تبقى بصحبة نفسك فقط
إن الأمر صعب في بعض الأحيان، ولكن فكّر إذا كان زوجك/ زوجتك بصحبتك. الأمر ليس مجرد تمضية وقت سعيد على الشاطئ أو تناول العشاء على ضوء الشموع. فكر في المشاحنات التي تنشأ والمواقف الصعبة. تقول المؤلفة أنه أحياناً تكون الوحدة أفضل من الحياة مع شريك غير سعيد.. إن الأشخاص الأسوياء هم في واقع الأمر ممتعين ولديهم هوايات ومهارات متعددة وأصدقاء كثيرون كما أنهم لا يعتمدون على غيرهم ليشعروا بالسعادة لذا لن يكونون عبئًا على أحد. فكر في الأمر مليًا وارض بالسلام النفسي الناشئ عن كونك وحيدًا ولكن سعيدًا.
ترجمة وإعداد / أمل كمال
المصدر : psychologytoday.com