نقف عند بداية كل عام مع قائمة طويلة من القرارات والأهداف، لكن للأسف، معظم هذه القرارات تتلاشى مع نهاية يناير. في هذا المقال، سنشارككِ خطة عملية مدتها ٦٦ يوماً (الوقت المثبت علمياً لتكوين عادة جديدة) لتحويل قرارات العام الجديد إلى عادات دائمة.
لماذا تفشل معظم قرارات العام الجديد؟
تبدأ أغلب قرارات العام الجديد بحماس ورغبة قوية في التغيير. ومع ذلك، هناك عدة أسباب وراء عدم قدرة الكثيرين على الالتزام بها وتحويلها إلى عادات مستدامة:
- أهداف غير واقعية: غالباً ما نضع أهدافاً كبيرة جداً أو غير قابلة للتحقيق في فترة زمنية قصيرة. هذا يمكن أن يؤدي إلى الإحباط والشعور بالفشل عندما لا نرى نتائج فورية.
- نقص في التخطيط: البدء دون وضع خطة واضحة المعالم أو خطوات عملية يمكن أن يجعل من الصعب الاستمرار.
- الافتقار إلى الدعم: عدم وجود شبكة دعم تشجعنا وتذكرنا بأهدافنا يزيد من احتمالية الاستسلام عند مواجهة التحديات.
- صعوبة تغيير الروتين: تغيير الروتين اليومي والعادات المتأصلة ليس سهلاً ويتطلب جهداً ووقتاً.
- النتائج غير ملموسة: في بعض الأحيان، قد لا نرى نتائج ملموسة لقراراتنا بشكل سريع، مما يثبط العزيمة ويجعلنا نتخلى عنها.
كيف يعمل دماغنا عند تكوين العادات الجديدة
لفهم كيفية تحويل قرارات العام الجديد إلى عادات مستدامة، من المفيد معرفة كيف يعمل دماغنا في هذه العملية. الدماغ البشري يميل إلى الحفاظ على الطاقة، لذلك فهو يفضل الأنماط السلوكية التي أصبحت تلقائية وروتينية. عندما نقرر تبني عادة جديدة، فإننا في الواقع نقوم بتشكيل مسارات عصبية جديدة في الدماغ. هذه المسارات تصبح أقوى وأكثر رسوخاً كلما كررنا السلوك المرغوب فيه.
أظهرت الدراسات أن تكوين عادة جديدة يستغرق حوالي 66 يوماً في المتوسط، ولكن هذه المدة يمكن أن تختلف من شخص لآخر ومن عادة لأخرى. خلال هذه الفترة، يمر الدماغ بثلاث مراحل رئيسية:
- مرحلة التعلم: في هذه المرحلة، يكون الدماغ في حالة تركيز وانتباه شديدين لتنفيذ السلوك الجديد.
- مرحلة الترسيخ: هنا يبدأ الدماغ في ربط السلوك الجديد بمكافآت أو نتائج إيجابية، مما يعزز الرغبة في تكراره.
- مرحلة الأتمتة: يصبح السلوك الجديد تلقائياً ولا يتطلب الكثير من الجهد الواعي لتنفيذه.
خطة الـ ٦٦ يوماً
لتحويل قرارات العام الجديد إلى عادات دائمة، إليكِ خطة عملية تستند إلى الأبحاث العلمية حول تكوين العادات:
- اختاري هدفاً واحداً: بدلاً من محاولة تغيير الكثير من الأشياء في وقت واحد، ركزي على هدف واحد أو اثنين على الأكثر.
- اجعلي هدفكِ واضحاً ومحدداً: حددي بالضبط ما الذي تريدين تحقيقه وكيف ستقيسين تقدمكِ.
- قسّمي هدفكِ إلى خطوات صغيرة: قسّمي الهدف الكبير إلى مهام أصغر وأكثر قابلية للتحقيق.
- حددي وقتاً ومكاناً: خصصي وقتاً ومكاناً محددين في جدولكِ اليومي لتنفيذ السلوك الجديد.
- ابدئي بخطوات بسيطة: لا تحاولي تغيير كل شيء مرة واحدة. ابدئي بخطوات صغيرة وبسيطة، ثم زيدي تدريجياً.
- التزمي بالخطة لمدة 66 يوماً: حاولي الالتزام بالخطة لمدة 66 يوماً على الأقل، فهذه هي المدة التي يحتاجها الدماغ لتكوين عادة جديدة.
- لا تستسلمي عند الانتكاسات: الانتكاسات أمر طبيعي، ولكن المهم هو عدم الاستسلام والعودة إلى المسار الصحيح بأسرع ما يمكن.
- كافئي نفسكِ على تقدمكِ: احتفلي بإنجازاتكِ الصغيرة وكافئي نفسكِ على تقدمكِ.
تقنية التتبع اليومي والمكافآت الصغيرة
تُعد تقنية التتبع اليومي أداة فعالة لمراقبة تقدمكِ في تحقيق أهدافكِ. يمكنكِ استخدام دفتر ملاحظات أو تطبيق على هاتفكِ لتسجيل الأيام التي قمتِ فيها بتنفيذ السلوك الجديد. هذه التقنية تساعدكِ على البقاء متحفزة وتجعلكِ تشعرين بالإنجاز عندما ترين تقدمكِ بشكل واضح.
بالإضافة إلى ذلك، من المهم مكافأة نفسكِ على تقدمكِ. لا يجب أن تكون المكافآت كبيرة أو مكلفة، بل يمكن أن تكون أشياء بسيطة مثل تناول وجبة لذيذة أو قراءة كتاب ممتع أو قضاء بعض الوقت مع الأصدقاء. المكافآت تساعد في تعزيز السلوك الإيجابي وتجعلكِ أكثر عرضة لتكراره.
كيف تتعاملين مع الانتكاسات؟
الانتكاسات جزء طبيعي من عملية تكوين العادات الجديدة. لا تدعي الانتكاسة الواحدة أو اثنتين تثبط عزيمتكِ وتجعلكِ تستسلمين. تذكري أن الجميع يمرون بانتكاسات في مرحلة ما.
عندما تواجهين انتكاسة، لا تلومي نفسكِ أو تشعري بالذنب. بدلاً من ذلك، حاولي فهم سبب الانتكاسة وكيف يمكنكِ تجنبها في المستقبل. عودي إلى المسار الصحيح بأسرع ما يمكن وحاولي الاستمرار.
نصائح إضافية لتحويل قرارات العام الجديد إلى عادات مستدامة:
- شاركي أهدافكِ مع الآخرين: إخبار الآخرين بأهدافكِ يمكن أن يزيد من شعوركِ بالمسؤولية.
- ابحثي عن شريك: تكوين فريق مع شخص آخر يشارككِ نفس الأهداف يمكن أن يوفر لكِ الدعم والتشجيع.
- كوني صبورة: تكوين العادات الجديدة يستغرق وقتاً وجهداً. لا تتوقعي رؤية نتائج فورية وكوني صبورة مع نفسكِ.
- استمتعي بالعملية: حاولي الاستمتاع بالرحلة نحو تحقيق أهدافكِ. إذا لم تستمتعي، فمن غير المرجح أن تلتزمي بها على المدى الطويل.
قرارات العام الجديد هي فرصتكِ لبدء رحلة التغيير نحو الأفضل. باستخدام هذه الخطة والنصائح، يمكنكِ تحويل هذه القرارات إلى عادات مستدامة تدوم مدى الحياة. تذكري أن الأمر يتعلق بالالتزام والصبر والمثابرة، ومع مرور الوقت، ستصبح هذه العادات جزءاً طبيعياً من حياتكِ اليومية.