اشاعات اشاعات اشاعات تدور في الفلك في كل مكان من حولنا عن فيروس كورونا ، اشاعات أطاحت بعقولنا ، جننتنا ، بل حبستنا في البيوت ننتظر حكم الافراج من القاضي .. جلسنا في بيوتنا رغما عن انوفنا جميعا ووجدنا ان الجلوس في البيت هو اصعب بكثير من الخروج للعمل ، و كعادة الانسان لا يرضي بحاله ابدا، أخذنا نشكو الجلوس مع الاسرة ، نشكو من أزواجنا و زوجاتنا الذين كنا نتمني ان يطول اليوم لنجالسهم قليلا .. جلسنا معهم بكل الود في البداية .. حتي زاد الود و فاض و انقلب الي تقيضه.. جلسنا و لعبنا و تكلمنا ثم احتددنا و اختلفنا و اخذنا ننادي القاضي بالاسراع في حكم البراءة ..تعالت الاصوات مطالبة بالطلاق ، بالفراق و الرحيل في بيوت عديدة .. و لكن ما السبب وراء النداءات و الصرخات .. ما هي حقا اسباب الطلاق ؟
طول عمرنا بنردد عبارات و نظريات حول الطلاق ، لكن هل حاول أحدنا يوما ما أن يفكر في ان هذه العبارات ربما عفا عليها الزمن و تغير كما تتغير احوالنا بسرعة البرق ! اننا اخذنا نقرأ و نردد و نحفظ ابنائنا أهمية وجبة الافطار مثلا عبر عقود كثيرة وبين ليلة و ضحاها أخذ الاطباء ينادون بالصوم المتقطع و يطالبوننا بالصيام عن وجبة الافطار
و في اليوم الواحد مثلا اكثر من دراسة عن أهمية القهوة و فوائدها ، وأن تنتهي من شرب فناجين القهوة تصدمك دراسة عن أضرار القهوة فتتجمد في مكانك مذهول مشوش لا تعرف ماذا تفعل بما احتسيته..
فلماذا لم نفكر يوما ان تتحقق من العبارات التي نرددها عن أسباب الطلاق و عن طريقة تفكير الرجل و عن لماذا تنجح علاقات بعض الازواج و لماذا تفشل البعض الاخر ؟
كذب الباحثون و لو صدقوا ! تكاثرت الأبحاث فتضاربت عبر السنين فمثلا هل أنتي واثقه من أن الخيانة هي سبب رئيسي للطلاق؟ هل يمكنك تأكيد أن اختلاف البيئة التي تربي فيها الطرفين هي أهم أسباب الطلاق.. استعدي عزيزتي لان اقول لك ان الخيانه سبب ٢٠٪ فقط من حالات الطلاق و ان اختلاف طباع او بيئات الطرفين هي مشكلة مزمنة لدي كل الازواج و لا يمكن حلها لكن ليس بالصرورة تصبح سببا في الطلاق .. هذا و غيرها العديد من العبارات و النظريات و الدراسات التي اصبحت بالية الان.
نظرية أسعدني أسعدك : فمثلا من الكثير و لا يزالوا يعتقدون أن نظرية ( أسعدني و أسعدك ) هي الحل السحري لجميع المشاكل الزوجية وأن العلاقة الناجحة بين الأزواج يحب أن تقوم علي ما يشبه العقد
يتعهد فيه كل زوج للاخر ، سواء بشكل ضمني أو صريح، بأن (أسعدني ، أسعدك) اي ؛ قدم السبت ، تلاقي الأحد.. و لكن الواقع أثبت ان هذه الفكرة في حد ذاتها هي سبب الداء و انها كفيلة ان تصل بك الي اعتاب الطلاق.. لان في هذا الاتفاق يبذل كل طرف اقصي مافي وسعه لاسعاد الطرف الاخر لكنه ايضا ينتظر منه المقابل ،، و عملية القياس و انتظار المقابل تلك كفيلة بهدم العلاقة اساسا بسبب الاحباط و التوقعات العالية و كاننا في شركة مبدأها نعني و انا نفعك او منعني و امتعك و اذا قصرت فلا رحمة و لا هوادة، و تليفون للمأذون سيكون هو الحل الوحيد لانقاذ الطرف الذي سيشعر بالظلم !
- الخيانة سبب رئيسي للطلاق
أكيد طبعا الخيانة مدمرة لاي علاقة و ليس فقط في العلاقة الزوجية بل أي علاقة اخري سواء كان صداقة أو عمل فالالم و الاحباط الناتج عنه بلا شك هو زلزال قد يدمر الشخص نفسه لكن .. مين قال ان الاشخاص الذين يتعرضون للخيانة يطالبون بالطلاق ؟ بعضهم يسامح و يمنح فرصة اخرى و بعضهم يعمل ودن من طين وودن من عجين و لمل اسبابه.. و قد اثبتت الدراسات الحديثة ان ٨٠٪ من أسباب الطلاق تقع بسبب التباعد العاطفي و الانسحاب السلبي من العلاقة ، وغياب الصداقة و اختفاء الحميمية و ان نسب الطلاق بسبب الخيانة تمثل نسب غير ملفتة
- الاحتياج البيولوجي للرجل هو السبب:
من ايام احدادنا ونحن نكرر ان الرجل عادة ما يحب التعددية في حين تفضل المرأة ان تكون احادية العلاقة و بالتالي فالمرأة نظلومة بسبب هذه الطبيعة الغالبة عليها مع رجل تحكمه غريزته .. في حين اننا نغفل ان بنزول المرأة مجال العمل و اختلاطها مع العديد من الرجال اصبح الاحتياج البيولجي للمرأة مقاربا او مساويا لاحتياج الرجل و زادت تطلعاتها و رغباتها كذلك و بالتالي لا يمكننا ان نكرر تلك المقولات بلا وعي بما يجري في حاضرنا
- الرجال من كوكب و النساء من كوكب اخر
لا يمكن ان نعتمد كثيرا علي هذه الفكرة التي ترى أن الرجل بطبيعته و طريقة تفكيره يميل لاتمام الاعمال و المهام وانجازها في حين تميل المرأة بطبيعتها الي التفكير من خلال مشاعرها و عواطفها .. لا يمكن الاعتداد بهذه الدراسة بشكل كامل لاننا نري في المجتمع العديد من الرجال العاطفيين و العديد من النساء ذوات الهمة و الانجاز و لا التعميم غير جائز ابدا علي كل البشر
- القوامة
و تري العديد من النساء ان قوامة الرجل هي القيد الذي يخنق العلاقة و يكبل الزوجة بقيد و يجعلها مطرة احيانا كثيرة للخضوع، و ووصل لاسماعنا صيحات الاستغاثة و المناداة بالمساواة في الحقوق و الواجبات .. لكن دعيني اسأل من يضمن لك ان الحقوق و الواجبات سيتم تقسيمها بالعدل حقا و انه لن يقع اي ظلم من طرف علي الاخر بموجب هذه القسمة ؟ من يضمن ان يكون التعاطف الايجابي و الحنية هما اللذان سيوسدان عند عمل تلك القسمة؟ يعني ضامنة منين ان القسمة تكون قسمة حق؟ و ان المركب اللي ليها ريسين مش هتغرق؟ الحقيقة ان وجود قائد لاي علاقة يحمله المسؤولية و يلزمه بها ، و ان قصر، فيمكن ان يحاسبه القانون و يعاقبه المجتمع.
- ارضيه بكل الاشكال!
احيانا تجتهد بعض السيدات و تبقي ( آيدة صوابعها العشرة شمع) لزوجها ، تموت نفسها حتي تحقق له مل احلامه قبل أن يطلب و تجتهد في التفكير كيف ارضيه بكل الاشكال.. اذا كنتي من هذا النوع عزيزتي، فقد أجمعت الدراسات انك علي باب المأذون و طريقك للانفصال قد اقترب .. فأي انسان بصفة عامة و الرجال بصفة خاصة ، يميلون للانسحاب من علاقة المطاردة و الاسترضاء تلك ..الدلال الزائد يفسد العلاقة و سيستنزف الرجل طاقتك الجسدية و النفسية في محاولات استرضاء لن تنال رضاه مسبقا بكل تإكيد بل ستدفعه بلا شك للنفور منك و البحث عن علاقة اكثر تكافؤا و اثارة.
- “لا أحد يتغير”
اعتدنا كلنا علي تكرار عبارة ( ماحدش بيغير حد) و يعمم الجميع تلك العبارة و كأنها حقيقة مسلم بها و لكن .. هذه الجملة لا يمكن تعميمها فعادة كل طرف من طرفي العلاقة يسعي عادة لان يكون مقبولا و محبوبا من الطرف الاخر و يشكل هذا دافعا نفسيا قويا له الي تغيير طباعه و تعديل سلوكه. أما اذا شعر انه غير مقبول من الطرف الاخر مهما فعل ، حينها لن يبذل جهدا لتغيير طباعه ، فالفيصل حقا هو قرار الشخص نفسه و مدى تأثير العلاقة علي نفسيته.
- المشاكل المزمنة
كلنا عندنا مشاكل لا تحل في علاقاتنا بالطرف الاخر بسبب اختلاف الطباع و و البيئات و الخلفيات لكل مننا ، و يعتقد الكثير ان الطلاق هو الحل لاننا لن نتمكن من حل تلك المشامل المزمنة او المعقدة . و هذا حقيقي فتلك المشاكل المزمنة لا جدوى من حلها اساسا و الحل هو التصرف معها بذكاء او تقبلها او تحاشي الاحتكاك بها قدر المستطاع ، اي علي فترات بعيدة
- الاستنتاج :
بحكم العشرة او فهم كل طرف للاخر قد يعتمد كل طرف الي استنتاج او تفسير سلوكيات الاخر او اللغة الجسدية له بصورة ما ، مما قد يدفعه لبناء استنتاجات خاطئة و يؤدي دلك لترسيخ صور خاطئة قد تصل الي حد الانفصال. وربما تكون هذه الرؤية صحيحة فقط اذا ما اخطأ طرف ما في التفسير و الاستنتاج نتيجة للتحفز او سوء النية و بالتالي تكون من أسباب الطلاق عند مواجهة الطرف الاخر بها، في حين انها قد تكون سببا للاتفاق اذا ما اصاب احد الزوجين في استنتاجه و فهمه للاخر حيث سيشعر بالتقارب و الفهم من شريك حياته
- طفولة شريك حياتك و نشأته
نعم هناك اثر كبير لنشأة و طفولة شريك الحياة في عشرتنا معه و بالتالي علي سلوكه و فهمه او تفسيره لسلوكيات الشريك الاخر. لكن يمكن ان نعتبر ان العقد و الخصال التي تزعجنا في شريك حياتنا و التي يكون منشأها الطفولة هي من المشاكل المزمنة التي لن يجدي معنا ان نفرغ طاقاتنا في محاولات لحلها .. انما يكون الحل معها هو تفهمها و التوصل لطرق ذكية تساعدنا علي اهمية التعايش مع عقد طفولة الطرف بحكمة و تفهم.
- السعادة تتناقص بمرور الوقت :
تكون المسلسلات و الافلام في أذهاننا صورة موحية بان العلاقات دائما ما تبدأ بحكايات سعيدة مليئة بكلمات الحب و اللمسات اللطيفة و التي يفترضون دائما انها تتناقص بمرور الوقت.. لكن الواقع ان العلاقات الطويلة المدي يزداد فيها غلاوة كل طرف عند الطرف الاخر و ان مجرد نظرة او ابتسامة او غمزة تثير الكثير من لحظات الحب الاعمق و الابقي و بالتالي فان المشاعر تقوي بمرور الوقت و لا تتناقص
- ارتفاع سقف التوقعات لدي الشريكين
هل حقا ان ارتفاع سقف توقعات كل طرف من الاخر هو سبب حقيقي للطلاق؟ و ان عدم تحقق تلك التوقعات يسبب الاحباط المتكرر مما يؤدي للانفصال احيانا.. و الحقيقة انه لا يمكن الاتفاق كليةمع هذه الفكرة لان عادة كل طرف يحصل علي ما يتوقعه من اسلوب معاملة فأنت الذي تقرر كيف تسمح للاخر بمعاملتك. فالذي يتوقع ان يتم تعامله باحترام مثلا عادة ما يفرض ذلك علي الشريك الاخر و بالفعل يتم تعامله باحترام و الطرف الذي يري انه لا يتم احترامه بشكل كاف سيلقي ما يتوقعه ، فانت تحصل علي ما تتوقعه غالبا.
كل هذه الاكليشيهات و ربما اكثر ، ما هي الا اشاعات لم نتعب أنفسنا لفلترتها او التحقق من مدى صدقها وواقعيتها ،، لقد أمنا بها كمسلمات رددناها وورثناها للاجيال التي تلتنا دون وحه حق.. ولكن الحقيقة انها نظريات عفا عليها الزمن و لا علاقة لها بالطلاق في زماننا الحالي .. فللطلاق أسباب أخري غير تلك الاكليشيهات .. ربما يكون احداها الكورونا.