غادة السمان تكتب: هل أنتِ شمعة تحترق من أجل الآخرين؟؟

شمعة تحترق

هل أنتِ شمعة تحترق من أجل الآخرين؟

كثيرًا ما أسمع تلك العبارة على لسان أصحاب المشاكل.
أنا عايشة حياتي لزوجي .. قايدة صوابعي العشرة شمع عشانه .. ومع ذلك .. وتبدأ الشكاوي المعتادة.
أو ولادي مش مقدرين خوفي وقلقي عليهم .. مش بيسمعوا مني نصيحة، كل واحد استقل بحياته مبقوش محتاجين لي خالص.
أو صحبتي اللي كنت بفضلها على نفسي اتجوزت وانشغلت بحياتها الجديدة عني ولما عاتبتها زعلت مني واتهمتني إني بغير منها.

وأخيرًا جائتني سيدة فاضلة تشتكي الضغوط النفسية المستمرة والمتاعب جسمانية.

ظهر بعد الحوار معها أن أساسها نفسي والسبب كما قالت هي إن اللي بأمشي 3 بيوت لوحدي بيتي وبيوت أبنائي المتزوجين حاملة هم الكل ومسؤولياتهم.

العطاء .. الحب .. التضحية

معاني جميلة نعيش بها وترفعنا ولكن .. حين تكون من طرف واحد يحترق من أجل الآخرين دون الحاجة لها فهي كمن يلقي بأمواله في البحر.
لكل هؤلاء من الشموع التي تحترق من أجل الآخرين هونوا على أنفسكم، وتأملوا حالكم معي هنا لدقائق.

العطاء المفرط … سفه ومنافي للفطرة، نعم ألم تقرأوا “كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى” (العلق -6 ).

فالعطاء المطلق المستمر من الله سبحانه وتعالى لعباده يفسدهم،.

والعطاء المستمر بلا مقابل من بشر لبشر بالتأكيد يفسدهم ويشعرهم بنوع من الاستحقاق المطلق الكاذب.
هذه هي طبيعة البشر سريعون الملل … يحتاجون للعلاقات التبادلية هات وخذ أو كما نقول عنها علاقة البينج بونج.

أما شخصية الشمعة المحترقة فهي تعطي دون أن يطلب منها وأكثر مما هو مطلوب.

ولشخصية الشمعة المحترقة صفات خاصة بهم

  1. لديهم رغبة في السيطرة على الآخرين ولكن بالحب والحماية.
  2. تقديرهم الذاتي منخفض ولا يشعرون بقيمتهم إلا من خلال اعتماد الآخرين عليهم.
  3. يستمدون تقديرهم الذاتي من استجداء المدح من الآخرين فيعطوا من مشاعرهم وجهدهم وطاقتهم وربما أموالهم ووقتهم، لينالوا مشاعر العرفان والتقدير التي تغذي عندهم التقدير الذاتي.
  4. أغلبهم شخصيات اعتمادية، ولكنه نوع خفي من الاعتمادية فهم يتحملون أعباءًا مادية ومعنوية عن الآخرين.
  5. يعتمد عليهم في امدادهم ياحتياجاتهم من التقدير والشكر والامتنان الموصول الذي لا يجب أن ينقطع أبدًا
    مثل: الزوجة التي تحيط زوجها باهتمام (خانق) كما يصفه الزوج نفسه للأسف انتظارًا منها لاحتياج تام ومستمر منه واعتراف صريح ليل نهار بأنها محور حياته.
  6. وقد تقوم بذلك الأم مع الأبناء لتشعر أنها لارزالت أساس ولا مجال لاستقلالهم بحياتهم.
  7. الشخصية التى تمثل شمعة تحترق عندها خلل في أساليب التواصل وحدود العلاقات، فلا حدود للعلاقات عندها “أنا وأنت واحد لا خصوصيات”.
  8. الشخصية التى تمثل شمعة تحترق قد تعاني قلق الوحدة وفقدان الشغف بالحياة فبالنسبة لها: “لو لم يعتمد على الآخرون فلماذا أعيش؟ وما قيمتي إذًا؟ كيف أملأ فراغ نفسي؟

اقرأي أيضًا متى يمكن القول أنك في علاقة اعتمادية قائمة على التضحية فقط؟

أثر شخصية الشمعة المحترقة على نفسها والآخرين

  • تعاني شخصية الشمعة المحترقة من شعور دائم بالتوتر والقلق والضغط النفسي، فهى دائمًا في حالة ترقب وانتظار لما سيجود به الآخرون عليها من مشاعر اهتمام وحب وامتنان واحتياج.
  • غالبًا تصاب بالإحباط من أقرب الناس لأنها لا تعترف بالحدود الشخصية ولا الاستقلالية في حين أن كل إنسان طبيعي له حدوده الشخصية واستقلاليته وتحمله المسؤولية عن أفعاله.
  • هذه الشخصية غالبًا ما تخلق شخصيات اعتمادية مثلها من الأبناء أو الزوج أو الأصدقاء فهي من تعودهم الاعتماد عليها دائمًا.
  • غالبًا ما تتهم من المقربين لها بالسيطرة أو الحساسية الزائدة.

إليكِ أيضًا ما هي الشخصية السيكوباتية

وأخيرًا، إذا كنتِ تعانين من شخصية الشمعة المحترقة وما يتبعها من ضغوط نفسية فإليكِ خطوات التغيير:

  1. ضعي لنفسك أهداف شخصية وابدأي على الفور في تحقيقها لتشعري بقيمتك.
  2. تخلصي من الشعور بالذنب وأنكِ المسؤول الأوحد عن الكوكب بمن فيه.
  3. كل إنسان مسؤول عن نفسه واختياراته.
  4. كل إنسان من حقه أن يخطئ ويتعلم من خطئه.
  5. تخيلي لو طفلك الصغير كلما حاول تعلم المشي قمتي بحمله، هل كان ليستطيع المشي أبدًا.
  6. تعلمي قول لا أحيانًا حفاظًا على طاقتك وحدودك الشخصية.
  7. تعلمي أكثر عن الحب والعلاقات وأن أي علاقة حتى مع أقرب الناس هي أخذ وعطاء فخذي حقك وطالبي به.

 

غادة السمان

مستشار أسري وتربوي ومعالج نفسي
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.