دراسة علمية تثير الشك: هناك صلة وثيقة بين تناول الحليب النباتي والنمو المتعثر للأطفال

قام باحثون كنديون بنشر دراسة في دورية Clinical Nutrition The American Journal of    العلمية حول العلاقة بين تناول الحليب البقري وطول القامة في سن الطفولة.

تقول كاتبة المقال باميلا فرجيسون وتعمل أخصائية تغذية وهي أم نباتية في الأساس أنها كانت مهتمة بهذه الدراسة وإلى أي مدى يمكن لنتائجها أن تتسبب في شعور الآباء بالقلق حيال تناول أطفالهم للألبان النباتية والذي قد يجعلهم غير أصحاء، وعلى هذا الأساس، قررت – البحث في هذا الموضوع الهام.

لقد اكتشفت فيرجيسون أن هناك عيوب كثيرة في هذه الدراسة، وما أصابها بالصدمة أن المؤلف نفسه تربطه روابط قوية بالقائمين على صناعة منتجات الألبان. وأن هذه الروابط لم يتم ذكرها في الإعلام. تقول الكاتبة أنها تعلم جيدًا أن الألبان النباتية يمكن أن تكون جزء من نظام صحي وإيجابي تقدمه بعض العائلات لأطفالها، لذلك قررت أن تلقي الضوء على بعض العيوب التي شابت هذه الدراسة. وإليك خمسة مسائل هامة لم تتعرض لها الدراسة المذكورة.

  • صلة ماجوير بصناع منتجات الألبان:

يعد الدكتور جوناثان ماجوير – الباحث الرئيسي في هذه الدراسة- طبيب أطفال في مستشفي سانت مايكل، وتعتبر الورقة البحثية التي قدمها جزءًا من تعاون بحثي مشترك بين مستشفي سانت مايكل ومستشفي الأطفال المرضى وتدعى تارجت كيدر! إن الهدف من هذا التعاون هو معرفة تأثير تعرض الإنسان لعوامل معينة في طفولته المبكرة على إصابته بمشكلات صحية كبيرة فيما بعد مثل السمنة وسوء التغذية والإعاقات المختلفة. أظهر الموقع الخاص بتارجت كيدز أن الأطفال تلقوا معونات مادية من صناع منتجات الألبان في صورة منح لعدة أعوام مقدمة من معهد دانون ومزارعي الألبان في كندا. أدت هذه العوامل إلى الإلقاء بظلال الشك على نوايا البروفيسور كاجواير البحثية وبالتالي الشك في نتائج الدراسة بشكل عام.

  • جمع المؤلفون كل الألبان النبايتة (غير الحيوانية) في سلة واحدة:

وهذا خطأ علمي!

شرح ماجواير في دراسته كيف أن كوبين من حليب الأبقار تحتوي على 16 جرام من البروتين، وهذا يمثل الحصة اليومية الكاملة من البروتين لطفل يبلغ من العمر 3 سنوات. وفقًا للدراسة، فإن تناول كوبين من الحليب غير البقري (النباتي)-كحليب اللوز مثلًا- فهذه الحصة لا تمثل سوى ربع ما يجب أن يتناوله الطفل من عنصر البروتين كحصة يومية، فإذا لم يكن نفس هذا الطفل يتناول أي مصدر بروتيني آخر سوى هذه الكمية فقط من حليب اللوز، فإن ذلك يعرضه للإصابة بسوء التغذية بشكل أو بآخر. ولكن من المعروف أن حليب الصويا المقوى هو البديل الأكثر ملائمة وفقًا لإرشادات الأغذية في كندا وأمريكا من حيث احتوائه على كل من البروتين والكالسيوم بمعدلات مساوية لتلك المساوية لحليب الأبقار. ولكن للمرة الثانية ماجواير لم يراع هذه المسائل في دراسته المذكورة حيث لم يتطرق إلى حليب الصويا كبديل ممتاز للألبان الحيوانية واكتفي بذكر حليب اللوز المعروف بقلة فوائده الغذائية مقارنة بالصويا.

  • وماذا عن البروتين؟

يقول ماجواير أن الطول يعتبر مؤشر هام على صحة الطفل ونموه بصفة عامة. كان حليب الأبقار  مصدرًا موثوقًا به للبروتين والدهون لأطفال أمريكا الشمالية وذلك لضمان اكتمال نموهم في الطفولة المبكرة. وعلى الرغم من ذلك، يفضل كثير من الآباء الحليب النباتي مما يعني محتوي غذائي أقل من الحليب البقري. ولم تذكر الدراسة لماذا يعتبر الأطفال الذين تناولوا الحليب النباتي أقصر من أقرانهم ممن تناولوا الحليب البقري، يفترض مؤلفو الدراسة أن الفريق الذي تناول الحليب النباتي استهلك قدرًا أقل من البروتين والدهون عن الفريق الآخر الذي حصل على الدسم والبروتين كاملًا من الحليب البقري، مما أسفر عن تناقص في النمو أدى إلى قصر القامة. ترى فيرجيسون أن هذه الفرضية للأسف غير مُدعمة بسند أو دليل علمي كافِ نظرًا لأن الباحثين لم يقيسوا حصة البروتين أو الدهون التي تناولها الأطفال، حيث من الممكن جدًا أن يكون الأطفال الذين تناولوا الحليب النباتي قاموا بتعويض هذا النقص في حصة البروتين والدهون من خلال عناصر غذائية أخرى غنية بالبروتين مثل العدس والفول والمكسرات والحليب، بينما قد يفضل غيرهم تناول البروتين الحيواني مثل البيض واللحوم كمكملات غذائية تعوض النقص في أي عنصر آخر، وخلاصة القول أن الأطفال الذين يستهلكون سعرات حرارية كافية مستوفون بالتأكيد لمتطلبات البروتين والدهون المطلوبة من خلال أنظمة غذائية مختلفة.

  • لماذا يمتاز من يشربون حليب الأبقار بطول القامة؟

بالإضافة إلى البروتين والدسم الموجودين بالحليب البقري، فإن هناك أيضًا عامل نمو يشبه الأنسولين ويعرف بـI (IGF-1) هذا الهرمون يساعد على نمو الخلايا وانقسامها، ومن ثم يعزز النمو وتطور أجسام الأطفال. يوجد هذا الهرمون في الأبقار مثلما يوجد في الإنسان. ولذلك فإن ارتفاع مستويات هذا الهرمون في الدم ليس مستحبًا لدرجة أن بعض الدراسات قرنت بين ارتفاع هذه المستويات وبين الإصابة بمرض السرطان. وتخلص فيرجيسون من هذا الجدل العلمي أن أطفال الحليب البقري أطول ولكن الأمانة العلمية تقتضي الاعتراف بأن العلماء لا يعرفون السبب على وجه الدقة.

  • الأطول قامة لا يعني الأكثر صحة

تقول فيرجيسون أن المجتمع ينظر لمن لطوال القامة باعتبارهم أصحاب قدرات أعلى ويتمتعون بصحة أفضل بخلاف الجاذبية الشخصية بالطبع. ولكن تري فيرجيسون أن كونك الأطول لا يعني

التميز المرغوب من الناحية الصحية خاصة، إذا كان هذا الطول في القامة معزز بزيادة هرمون معين قد يسبب النمو الزائد لخلايا السرطان في الجسم. هذه الدراسة ينبغي ألا تجعل الآباء ينزعجون من عدم تقديم الحليب البقري لأطفالهم، بل على العكس، هناك دائمًا جدل دائم يطرح علامات استفهام حول مدى صحة حليب الأبقار كمشروب يتناوله الإنسان في أي عُمر.

ترجمة وإعداد : أ. أمل كمال

المصدر : vegnews.com

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.