من المرجح أن تصل حجم العوائد المالية من عالم الميتافيرس الافتراضي إلى ما يزيد عن 750 مليار دولار أمريكي في حلول عام 2024، كما أنه من المتوقع أن تتجاوز حصة صانعي الألعاب حاجز الـ 350 مليار دولار أمريكي، ووفقًا لما صرحت به منصة Bloomberg، فإن باقي العوائد المالية، سوف يتم توزيعها بالتساوي على مجالات الترفيه المباشرة ومنصات التواصل الاجتماعي.
في الوقت الحالي، لم يعد الأمر مقتصرًا فقط على الشركات التكنولوجيا العملاقة في كافة أنحاء العالم لإنشاء عوالم افتراضية خاصة بها، بل شاركت العديد من الشركات التقنية الناشئة والمتوسطة؛ بهدف اقتصاص حصة لها من هذا العالم الذي من المحتمل أن يدر أرباحًا طائلة عليها، حيث تتطلع تلك الشركات دومًا للاستثمار والمشاركة في المشاريع المستقبلية التي تحمل في طياتها أرباحًا كبيرة في المستقبل القريب أو البعيد، كتلك الشركات التي استثمرت معظم أموالها قبل عدة سنوات في العملات الرقمية، وحققت عوائد مالية وإيرادات ضخمة خلال فترة وجيزة من الزمن، كشركة تسلا التي اعتمدت عملة الدوجكوين كعملة دفع للحصول على منتجاتها قبل عدة أسابيع، وغيرها الكثير من الشركات الأخرى، حيث ينفرد اراب فاينانشيال في تقديم كل ما هو جديد في عالم العملات الرقمية والإدارة المالية وعالم التكنولوجيا.
ما هي الميتافيرس وما هي تأثيراتها على الصحة الذهنية والعقلية للبشر؟
من الجلي أن الميتافيرس هي الشكل الجديد من عالم الإنترنت الذي سيفرض هيمنته على العالم في المستقبل القريب، الأمر الذي شجع علماء وخبراء علوم النفس والاجتماع وعلوم التكنولوجيا للبحث والتقصي عن الآثار التي ستنجم عن هذه العوالم الخفية على كل من الصحة الذهنية والعقلية للبشر خلال السنوات القليلة القادمة.
حيث يعتقد بعض الخبراء أن عالم الميتافيرس سيكون عالمًا معقدًا أكثر ما يبدو عليه الآن، رغم أنه ما زال غامض بعض الشيء، كما وأكد الخبراء أن عالم الميتافيرس سيكون مدعومًا بالعديد من التقنيات المتطورة والمعززة للواقع الافتراضي، ومن المرجح أن تمتد آثاره لتشمل كافة مجالات الحياة، كما أن المستخدمين سيكون بإمكانهم حضور ورشات العمل، والحفلات الراقصة، والذهاب في رحلات ترفيهية في جميع بلدان العالم بمجرد ارتداء النظارة الافتراضية.
طالع أيضا : اتيكيت الشوكة والسكينة
وبحسب ما صرح به بعض خبراء التقنيات وعلماء الصحة العقلية، فإن كل تقنية جديدة تثير العديد من المخاوف لدى البشر عند ظهورها، بدءً من الراديو قبل سنوات، وصولًا للتلفاز وألعاب الفيديو، إلا أن الميتافيرس، سوف يعمل على فصل المستخدمين من العالم الحقيقي، وعزلهم عن محيطهم، ولربما تمتد آثاره لتغيير سلوكهم وجعلهم أكثر عنفً، في حين صرح بعض خبراء التكنولوجيا أن الميتافيرس لا تحمل أي مخاطر أو تأثيرات على الصحة العقلية أو الذهنية للبشر، مؤكدين على أن هناك العديد من العوامل الأخرى المتنوعة التي قد تحدث ضررًا في حياة الإنسان أكثر بكثير مما تفعله التكنولوجيا المتقدمة، وأشاروا إلى أن الميتافيرس ما هو إلا حدث ثوري لا مثيل له، وسيعمل بكل تأكيد على تغيير النسيج المجتمعي، أما بالنسبة لتأثيراته على الصحة الذهنية والنفسية والعقلية، فهي قيد الدراسة حتى الآن.

تحديات العالم المثالي
تطرق جيريمي بيلنسون، مدير مختبر التفاعل البشري للعالم الافتراضي في جامعة ستانفورد للحديث عن التحديات التي تواجه الإنسان في العالم المثالي، مؤكدًا على أن هناك العديد من التغيرات تطرأ على البشر الذين يعيشون في العوالم المثالية، منهم أشخاص تعاني من مشاكل في الحياة اليومية، ولا يجدن ملاذً لهم أفضل من منصات التواصل الاجتماعي، ومن خلال يقارنون أنفسهم بالآخرين من حولهم، كما وأشار إلى ضرورة تطابق صورة أولئك الأشخاص على أرض الواقع، لآن صورتهم على منصات التواصل الاجتماعي لم ولن تتغير، أما في عالم الميتافيرس الافتراضي، فالوضع مختلف تمامًا، ففي العالم الافتراضي سيحظى الأشخاص بشخصيات مختلفة خاصة بهم، كشخصية الأفاتار، ولكن التحدي الأكبر سيكون عن قضاء أولئك الأشخاص وقتًا كبيرًا في هذا العالم، مع آخرين مثاليين، ويبقى السؤال هنا، ما هي الآثار المترتبة على ذلك؟ وكيف سيحترم كل شخص منهم لذاته؟ فالجواب ليس واضحًا بعد.
انغماس أخلاقي في العالم الافتراضي
صرح الطبيب بيتير إتشل مختص علوم النفس والاتصال والتواصل، قائلًا أن العالم الافتراضي أمرًا حتمي، وقد ينغمس فيه الإنسان رغبة وطواعية منه، مؤكدًا على أن البشر سوف يقضون وقتًا أكبر في هذا العالم، ولكنه في المقابل أشار إلى ضرورة أن تضع شركات التكنولوجيا المطورة لهذا العالم منهجًا مدروسًا قائمة على أخلاقيات تقنية عالم الميتافيرس، فالتركيز على جانب الأخلاق أمرًا يجب عدم إهماله.
التقنيات التكنولوجيا يجب أن ترتكز قوتها في فعل الخير وتعزيز الأخلاقيات الحسنة والحفاظ على التواصل بين البشر، حتى لا نترك مجالًا للتأثيرات الضارة الناجمة عن المحتويات المسيئة، وفي حال لم يحدث ذلك، فإن البشر لن يكون بإمكانها التطور، إضافة إلى أنهم قد يصبحون عرضة للخطر أكثر من أي وقت مضى، فالإنسان الذي اعتاد ممارسة الرياضة في حياته الواقعية، والنوم الجيد، والتواصل مع الآخرين، لن يكون بإمكانه ذلك في عالم افتراضي قد يكون تأثيره ضارًا على صحته العقلية والجسمية، خاصة في حال وجد ضالته في ذلك العالم الذي سيبعده عن علاقاته الاجتماعية، وقد يحدث اضطرابات في نومه، ولربما تمتد آثاره على الصحة الجسمية والعقلية، وبهذا ستكون تأثيرات الميتافيرس أكثر ضررًا على صحة الإنسان.
طالع أيضا : كيف اشحن نفسي بالطاقة الإيجابية