الفرق بين الصداقة والتعلق الوهمي .. ما هو؟
يعرف التعلق في اصطلاح اللغويين على أنه النشوب، فهو من مادة “عَلِقَ” قيل علق به أي نشب به، والمعنى بلوغ أو نشوب الحب في قلب المحب حدًا كبيرًا لدرجة أنه لا يقدر على مفارقة محبوبة ولذلك فإننا سوف نتحدث عن التعلق بشيء من التفصيل في هذا الموضوع والفرق بين التعلق الوهمي والتعلق السوي.
التعلق السوي
التعلق هو خاصية ذاتية لا تتعلق بالأشخاص فحسب بل هي غريزة في جميع المخلوقات على وجه الأرض، حيث تظهر هذه الغريزة منذ اللحظات الأولى في الحياة.
ويقول العالم بولبي أحد أكثر العلماء الذين قاموا بدراسة صفة التعلق وخاصة التعلق بين الطفل والأم، أن التعلق ما هو إلا دافع رئيسي شأنه شأن الدوافع الأخرى مثل: العطش والجوع والرغبة الجنسية، ومن هنا تظهر أهمية علاقة الطفل بأمه فهي لا تقل أهمية عن الحاجة إلى الطعام والشراب.
قد يهمك أيضا: التعلق السلبي
مراحل التعلق
بمجرد أن يولد الطفل يولد معه شعور التعلق، حيث يكون ملتصق بأمه والتي تعتبر أول ما يتعلق به الطفل فهو يربط العالم الذي يعيش فيه بعالمها، إذا شعر أنها ليست بجانبه ظل يبكي تعبيرًا منه عن حاجته إليها، وبمجرد أن يشعر أنها اقتربت منه هدأ قلبه واطمئن بوجودها.
ثم يكبر الطفل قليلًا لتنتهي مرحلة التعلق بأمه ويدخل في مرحلة التعلق بأبيه، حتى يكون الأب في عين ابنه هو الشخص الوحيد الذي يمكنه تعويضه عن العجز، ولا أحد يستطيع أن يسد ثغر فقرِه غيره، كما يرغب في أن يكون فقط مماثلًا لأبيه في المستقبل.
وسرعان ما تنتهي تلك المرحلة لتبدأ مرحلة تعلق أخرى بمجرد أن يخرج الصغير من بيته إلى المدرسة، ويبدأ يتعلق بزملائه في الفصل والأساتذة الذين يدرسونه، حتى أنه يحب كما لو يكون مثلهم لأنهم يقومون بإعطائه اللذة التي يبحث عنها.
وسرعان ما تحل مرحلة المراهقة التي تكون مليئة بالعواصف ويجد الشخص نفسه يتعلق بجميع من حوله، ومن هنا نستطيع القول أن هناك تعلق سوي والذي يتعبر أمرًا ضروريًا لنمو الشخص بشكل صحي، وفي حالة غيابه يكون الشخص مشوهًا نفسيًا، ويكون ذلك واضحًا جليًا في علاقة الطفل بأمه وأبيه وأصدقائه وإخوته وكل من حوله.
التعلق المرضي
هو ميل مبالغ فيه بحيث يكون الشخص المتعلِّق غير قادرًا على بناء شخصية مستقلة بذاته، كما يتبع الطرف الآخر تبعية كاملة وكأنه ملتصق به.
أشكال التعلق المرضي
- التعلق بين الذكر والأنثى.
- التعلق بين الأنثى والأنثى.
- التعلق بين الذكر والذكر.
وقد يكون الشخصان اللذان تربطهما علاقة التعلق إما متقاربين في المرحلة العمرية أو متباعدين.
الصداقة و التعلق الوهمي
تقوم الصداقة على التشابه الشديد بين الصديقين، والاتفاق على الطباع والمبادئ والنشأة على نفس العادات والأفكار، كما أن هناك الكثير من الأدلة العقلية والنقلية على الصداقة نظرًا لكونها من أهم متطلبات الشخص.
- قال نبينا وحبيبنا محمد صلى الله في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: ” ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه”.
- وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا في الصداقة: المرء مع من أحب.
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا في العلاقة بين الذكر والأنثى: لم أرى للمتحابين إلا الزواج.
- كما أُتي في يوم أحد بـ عمرو بن الجموح وعبدالله بن عمرو بن حرام قتيلين فقال صلى الله عليه وسلم: “ادفنوهما في قبر واحد ، فإنهما كانا متصافيين في الدنيا “، وإن دل ذلك فإنما يدل على شدة عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بالمتحابين في الله، وكأنه أراد أن يجعلهما معا في الآخرة كما كانا معًا في الدنيا.
حيث لم يحرم الدين علاقة الصداقة السوية أو الحب السوي ولا يوجد منطق يرفض ذلك، حتى أنه في بعض الأحيان قد تتجاوز الصداقة القوية حدودها لتصبح أكثر من مجرد صداقة وتتحول إلى شيء آخر ذو خصائص أخرى، ولكن إذا تجاوز الحب حده المعقول خرج من صورة الحب وأصبح تعلق سلبي مرضي بالطرف الآخر.
قد يهمك أيضا: 8 طرق لعلاج التعلق العاطفي المرضي
الفرق بين الصداقة والتعلق الوهمي
هناك فرق شاسع بين بين الصداقة السوية والصداقة المرضية بين الأشخاص من نفس الجنس ويتلخص هذا الفرق في أن الصداقة هي علاقة تجمع بين اثنين أو أكثر من الأشخاص، تتميز هذه العلاقة بالجاذبية المتبادلة بين الأصدقاء والتي تكون مصحوبة بشعور من الوجدان لا يطغى عليها شعور الرغبة الجنسية بشكل عام.
ويقول دافيز في الفرق بين التعلق الوهمي والصداقة أن الحب ما هو إلا صداقة، يزيد عن الصداقة بمقدار خاصتين فقط وهما العناية والشغف، ولهذا كان الحب أقوى من الصداقة بكثير ولكنه أقل استقرارًا منها.
الخصائص المشتركة بين الحب والصداقة
- أن يجد إحدى طرفي العلاقة نفسه يستمتع برفقة من يحب.
- الرضا بصفات الطرف الآخر كما هي وعدم انتقادها بأي حال من الأحوال.
- التأكد من أن كل طرف في هذه العلاقة يسعى للمحافظة على الآخر بنفس الدرجة.
- عدم التقليل من تصرفات الصديق أو الحبيب والوثوق في أنه سوف يحسن التصرف.
- الابتعاد عن التصنع أثناء التعامل مع الطرف الآخر والاتجاه إلى التلقائية والطبيعية.
- محاولة فهم شخصية الطرف الآخر بشكل صحيح لمعرفة دوافع سلوكياته والأمور التي يفضلها والأمور التي لا يفضلها.
- عدم كتم الخبرات أو أي مشاعر داخلية عن الطرف الآخر.
وبذلك نكون تحدثنا عن التعلق الوهمي بشيء من التفصيل وما الفرق بين التعلق السوي وخلافه، بالإضافة إلى التعرف على مراحل التعلق وأشكاله والفرق بين علاقة الصداقة ومجرد التعلق، وكيف نميز بين علاقة الصداقة وعلاقة الحب وما هي الأمور المشتركة بينهما.
قد يهمك أيضا: ما هي أعراض التعلق المرضي بشخص