“الطرف الثالث” … أنا جاي اهدي النفوس كتبه محمد عبد الخالق

تنبيه: كاتب هذا المقال يقدر الصداقة جدا ويحترم الأصدقاء، وهذا المقال لا يتحدث عنك شخصيا، أو عن صديقتك المقربة، ولا يعمم الحديث، ولا يطلق أحكاما عامة، وكل ما ورد به من نماذج نحذر منها، هى موجودة بالفعل وجميعنا شاهدها وسمع قصصا عديدة عنها، من قديم الأزل ولا تزال موجودة، وأي تشابه بين ما ورد بالمقال وبين موقف حدث بالفعل هو من قبيل التكرار الذي لا يتعلم منه الشطار.

السر يظل سرا طالما بين طرفين، وإذا خرج إلى ثالث لا يعد سرا، كذلك المشاكل والخلافات الزوجية، إذا خرجت من باب المنزل، واشترك بها طرف ثالث لم تعد خلافا بين زوجين، تتسع دائرتها وتضم أطرافا عديدة، وتصل لمساحات مختلفة بعيدة كل البعد عن أصل المشكلة.

لا أدعو للوحدة والانقطاع عن البشر، لا أدعو للتخلي عن خبرات الآخرين، وعدم الاستفادة من آراء ونصائح الكبار المليئة بالحكمة والتجارب، فقط أدق جرس التنبيه للتحذير من “الطرف الثالث” … احذروهم فهم السم في العسل وجايين فقط عشان “يهدوا النفوس”.

نحن إذن أمام نوعين من “الطرف الثالث”، إما “مُحب” حسن النية، وإما “شيطان” يرتدي مسوح الرهبان.

لو تحدثنا عن النوع الأول، فنكون قد اخترنا البدء بالأهون والأسهل والأقل ضررا، فهم في الغالب فرد من أفراد الأسرة (أسرة الزوج أو الزوجة)، يرغب في الصلح وتهدئة النفوس، وغالبا ما يصدر أحكاما قطعية بإلقاء اللوم على أحد الطرفين، أو يختار الحل الأسهل الذي يضمن به عدم إغضاب أحد منه فيقول: “انتوا الاتنين غلطانين”، محاولا إنهاء الخصام في أسرع وقت على طريقة: “قوموا بوسوا راس بعض”.

أما النوع الثاني، وهو الهدف من مقالنا، فهم تلك الشخصيات التي تبدو قريبة منا، وتبدو محبة لنا، وتبدو حريصة علينا وعلى سعادتنا، لكنهم في الحقيقة يقتربون منا للتلصص، ويدعون محبتنا كاذبون، ويحرصون علينا من أجل مصلحة، ويظهرون الاهتمام بنا وهم يغارون منا.

فصديقتك التي لا تفارقك وتشاركك حياتك بكل تفاصيلها، وتعامليها باعتبارها أحد أفراد الأسرة، قد تكون خطرا يهدد بنسف هذه الأسرة من الداخل، لا أدعو لفرض سوء الظن في أصدقائنا، لكن أطالب بعدم “وضع النار جوار البنزين” كما قالوا قديما، خاصة أن تدخل الأصدقاء بين الزوجين يكون في أضعف لحظات علاقتهما، في وقت تسوده المشاكل، ويحكمه التوتر، وهنا ينشط الشيطان ويجد أفضل فرصه وأنسب لحظات تدخله، وكما نعرف النفس البشرية عصية على الضبط والفهم، ولا يعلم أحد كيف ومتى التحول.

احذري من الصديق أو الصديقة المشتركة، التي تتدخل للصلح والتوفيق بينك وبين شريكك، فتجلس معك لتخبرك كم أنت مظلومة ومهانة وحقك مهدر وتتحملين أكثر من طاقتك، وتبدأ في بث اسطوانة: “احنا حظنا قليل … شوفي فلانة جوزها قايد لها صوابعة العشرة شمع ومهنيها ومستتها … وانت محدش مقدر اللي بتعمليه”، لأنها -ممكن جدا- عندما تجلس مع زوجك لتسمع منه ستقول له: “بصراحة انت اللي دلعتها من البداية … كان من المفروض أن تشعر بالمسئولية أكثر من هذا … وتساعدك وتشاركك مشاكلك ومشاغلك بدلا من انتقادك دون تقدير لحجم الضغوط الذي تتحمله”.

احذر واحذري من الذئاب التي ترتدي ثياب النعاج، ومن الشياطين الذين يرافقوننا متخفين في أجنحة لملائكة ومسوح الرهبان، فمن الأفضل والأسلم أن نحتفظ بمساحة بيننا وبين الآخرين، خاصة فيما يتعلق بحياتنا الخاصة بتفاصيلها الدقيقة، ولنسمها “مساحة الأمان”، فلا مانع من التحدث إلى أصدقائنا وأخذ رأيهم في الأمور والحياة، لكن دون التعمق في تفاصيل، وبجملة أكثر صراحة: دون اصطحابهم معنا إلى داخل غرف النوم، فلا أحد يعرف ماذا سيكون رد الفعل، ولا إلى ماذا ستصل الأمور.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.