الحبوب الغذائية : فوائد وأسرار

الحبوب هو المسمى الذي يطلق على تلك البذور المستخدمة كغذاء مثل القمح والشوفان والشعير والذرة والأرز وغيرها) والتي يتم إنتاجها بواسطة النباتات التي تنتمي إلى النظام الشاسع المعروف باسم العائلة العشبية؛ تُستخدم هذه الحبوب في الطعام سواء في حالتها الصحيحة (غير المجروشة) أو في صور أخرى من المنتجات.

هذه الحبوب تعتبر ذات قيمة غذائية فائقة، وعندما يتم إعدادها بشكل صحيح، تصبح سهلة الهضم للغاية. تتشابه الحبوب جميعًا في تركيبتها، ولكن يكمن الاختلاف في مكوناتها، والكميات النسبية لهذه العناصر المختلفة في كل نوع على حدة، فذلك الذي يمنحها الدرجات المختلفة لقيمتها الغذائية العالية. يحتوي كل نوع من هذه الحبوب على أحد العناصر النيتروجينية أو أكثر مثل الجلوتين (وهي مادة بروتينية موجودة في الدقيق) والألبومين والزلال والكازين (وهو البروتين الأساسي في اللبن) وذلك بالإضافة إلى الدكسترين (سكر النشا) والسكر والمادة الدهنية وكذلك العناصر المعدنية والسيليولوز.

تعادل القيمة الغذائية المُجمعة للحبوب ثلاث أضعاف تلك الموجودة في اللحم البقري أولحم الضأن والدواجن. أما فيما يتعلق بنسبة عناصر الغذاء اللازمة للوفاء بالاحتياجات المتنوعة للإنسان، فإن الحبوب تقترب أكثر من المعايير الصحيحة نسبة إلى باقي الأغذية ، وعلى رأس تلك الحبوب القمح بالتأكيد حيث يحتوي على النسبة المثالية من العناصر الغذائية اللازمة للجسم.

على الرغم من الفوائد الرائعة للحبوب، إلا إنه من المثير للعجب أنها غير شائعة التناول؛ بحيث نادرًا ما تستخدمها أسرة واحدة من كل خمسين أسرة فيما عدا الاستخدام الشائع كالدقيق أو الأرز التقليدي أو وجبة الشوفان. يعتبر الاستخدام المتنوع للحبوب ضروريًا تمامًا مثل الاستخدام المتنوع للأنواع الأخرى من الطعام، فضلًا عن أن الاستخدامات العديدة للحبوب والمتوفرة في المحال التجارية تجعل من تقديم هذه النوعية من الأطعمة كمادة أساسية لنظام غذائي أمرًا ممكنًا.

في العصور القديمة، كانت الحبوب هي المكون الأساسي للطعام وهو أمر موثق تاريخًيًا، حيث أظهرت الدراسات أن الإنسان القديم كان في أفضل حالاته الصحية عندما كانت الحبوب هي وجبته الأساسية. وكان أبناء اسبارطة القديمة والمعروف عنهم القوة المفرطة كان غذائهم الأساسي معتمدًا على الحبوب. ونفس الحال ينطبق على الجنود الرومان الذين كان الواحد منهم يحمل معه كمية من الحبوب في جيبه كمؤونة يومية.

وفي الوقت الحاضر، لا تزال بعض الشعوب تعتمد بشكل أساسي على الحبوب في وجباتها مثل الشعب الصيني الذي يعتبر الأرز وجبة غذائية يومية لا غنى عنها، ولكن لابد من تقديم بعض العناصر الأخرى كطبق جانبي مثل البازلاء أو الفاصوليا نظرًا لأن الأرز ليس غنيًا بالعناصر النيتروجينية مثل باقي الحبوب المعروفة.

يمكن أن نقابل أشخاص في حياتنا اليومية يقولون أنهم لا يستطيعون تناول الحبوب وأنهم لا يستسيغون طعمها. يمكن الرد على هؤلاء أن صعوبة التناول تكمن في كيفية إعداد الحبوب للأكل، أو طهيها بشكل خاطئ. الحبوب بطبيعتها تضمن للإنسان تحقيق مهمتها بثقة من حيث القيمة الغذائية العالية مالم يتم معاملتها بشكل غير سليم. مثلها مثل أي طعام جيد وعالي في قيمته الغذائية، يمكن للحبوب أن تسبب الضرر لمن يتناولها إذا كانت مصحوبة بعناصر سيئة. وفي أحيان كثيرة تكون المشكلة في كمية السكر الزائدة المستخدمة مع الحبوب.

لا يلزم استخدام السكر مع الحبوب لرفع قيمتها الغذائية. ولكن مادة النشا التي تشكل جزء كبير من مكوناتها لابد أن تتحول من تلقاء نفسها إلى سكر بواسطة عملية الهضم التي تتم قبل التمثيل الغذائي، ومن ثم فإن إضافة السكر الصناعي يعمل على مضاعفة العبء الملقى على أجهزة الجسم المعنية بالهضم ليس أكثر.

يمكن القول أن تناول الحبوب سيكون أكثر شيوعًا وعالمية إن تم تقديمه دون سكر أو مع القليل من السكر فقط. إن إضافة للسكر بصفة دائمة إلى الحبوب يمكن أن يسبب الشبع والتخمة تمامًا مثل إضافة السكر على الخبز والكيك للمزيد من التحلية. يعتبر الأيس كريم أو عصير الفواكه عنصر كافي للتزيين والتحلية وهناك عدد قليل من الناس بعد محاولات قصيرة لن يستطيع تناول الحبوب دون إضافة سكر وسرعان ما يفكرون بالاستغناء عن هذه الوجبة المغذية واستبدالها بغيرها لا تحتوي على الحبوب أصلًا.

حتى لو تم تقديم الحبوب دون سكر، فإنها لا قد تكون صحية أو مغذية مالم تؤكل بشكل صحيح.

نظرًا لأن الحبوب يتم طهيها لتكون ناعمة أثناء الأكل، وبالتالي لا تحتاج للمضغ الشديد لتكسيرها، فإن المرحلة الأولى من الهضم يتم التجاوز عنها. ولكن يجب أن نتذكر أن الحبوب تتكون أساسًا من مادة النشا وأن النشا لابد أن يمتزج باللعاب والا سيظل دون هضم في المعدة، لأن العصارة المعدية لا تهضم سوى العناصر النيتروجينية فقط. لذلك يفضل تناول الحبوب مع بعض الطعام الصلب مثل الويفر المكون من القمح الكامل المحمص جيدًا ليعطي المذاق المقرمش. وبهذه الطريقة يمكن يمكن تناول الأطعمة الصلبة الجامدة مع كل ملعقة كبيرة من الحبوب. وتعتبر هذه الطريقة بمثابة وجبة مثالية للأطفال بحيث يحصلون على الفائدة الكاملة من الحبوب وغيرها من العناصر التي يحتاجونها لنمو أجسادهم.

ترجمة وإعداد : أ. أمل كمال

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.