الجزء الثالث – منهج مونتيسوري التعليمي متبع منذ قرن من الزمن فهل مازال صالحا اليوم ؟

يتميز منهج مونتيسوري التعليمي بعدة مميزات منها :

– يعلم أو يلقن الأفراد كما المجموعات : في التدريس على طريقة مونتيسوري يقدم المعلم/المعلمة الدروس  للأطفال بشكل منفرد و يكون بإمكان الأطفال الآخرين المراقبة في حال كانوا مهتمين .

– ليس على الطفل أن يشارك في عمل غير مستعد له :تبقى الرغبة في التعلم هي المحرك الرئيسي  لكل نشاط .

– الأطفال يتعلمون من خلال العمل أكثر من الاستماع و التذكر : يتعلم الأطفال من خلال التدريب على  أدوات تعليمية و هي تجسد المبادئ التي يجب على الطفل تعلمها أو إتقانها. فمثلاً عندما يتعرف الأطفال على الأشكال الهندسية كالمثلثات و المربعات و الدوائر، فهم يقومون بذلك من خلال الأشكال الحقيقية و يستخدمونها من خلال ابتكار التصاميم .

– نظام المونتيسوري يقوم على حرية الاختيار و ليس على تحديد أوقات نشاطات معدة : بما أن كل  شيء في بيئة مونتيسوري مصمم ليكون مفيدا وتعليميا، فإن الطفل حر في اختيار ما يناسب رغباته واهتماماته.

– شمولية منهج مونتيسوري التعليمي : فهو يعلم أكثر من مجرد الأساسيات حيث أنه يطور :
قدرة الطفل العقلية قدرته في السيطرة على الحركةاستعمال الحواس ( تطور الملاحظة ) التفكير ( تطور الإدراك) العزيمة ( التطور الإرادي) وعيه و إدراكه وسيطرته على عواطفه (التطور العاطفي)القدرة على التمييز بين التصرف الحسن والتصرف السيء (التطور الأخلاقي)آلية الحصول على الأصدقاء و أن يكون عضواً مساهماً في المجموعة (التطور الاجتماعي)استعمال اللغة (تطور اللغة)
أي أن هذا المنهج يساعد الطفل على أن يصبح متعلما بتنمية الاستقلالية لديه و تحمل المسؤولية إضافة إلى مساعدته على ضبط اللغات و الرياضيات و التعمق في دراسة جسم الإنسان و الجغرافيا و علم الحيوان و علم النبات و العلوم الفيزيولوجية وعلوم الأرض و الفلك و التاريخ و الفن و الموسيقى و الرقص، و كذلك تعلم المهارات العملية اليومية كالطبخ و النجارة و الخياطة…
ما هو مفهوم مونتيسوري للانضباط أو النظام ؟
يقوم منهج مونتيسوري التعليمي على أساس التحكم بالانضباط الذاتي لدى الطفل، كما يسمح بتطويره وتغيير تصرفاته من خلال جذب اهتماماته و رغباته ضمن بيئة المونتيسوري المعدّة بعناية.

ذكرت الدكتورة مونتيسوري أن كثيرا من الأطفال الذين نعتقد بأنهم غير منضبطين هم في الواقع محبطون لعدم وجود التحفيز المناسب و لأن بيئة التعلم لا تناسبهم . و لهذا فإن برنامج مونتيسوري يهتم بتطوير الانضباط الشخصي من خلال تعليم الطفل كيفية التعامل مع الرغبات والاحتياجات مع التركيز على تعليم المهارات، وتطوير الطفل اجتماعيا و عاطفيا وأخلاقيا و إراديا والابتعاد عن السيطرة على الطفل من خلال المكافأة و العقاب .
أمثلة عملية لتطبيق منهج مونتيسوري التعليمي

تعليم الكتابة للطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة عند ماريا منتسوري

تذكر ” ماريا منتسوري ” أنه في حالة الأطفال المعاقين عقليا القابلين للتعلم يمكن تدريب العضلات و تشكيلها، و لهذا فالمقدرة على الكتابة من الممكن أن يتعلمها الطفل المعاق عقليا القابل للتعلم . وتضيف أيضا أنه من المهم أثناء تعليم الطفل الكتابة أن نفحصه و نلاحظه و هو يكتب بغض النظر عن مدى صواب الكتابة في حد ذاتها .
– تعليم الحروف : تعلم الحروف حسب منهج مونتيسوري مشابه لتعليم الأشكال، فكما أن الأطفال يتعلمون  كيفية التمييز بين الأشكال الهندسية عن طريق اللمس أولا ثم عن طريق النظر،نجد كذلك أن ” ماريا منتسوري ” تنصح باتباع هذه الطريقة في تعليم الحروف فتصنع الحروف من خشب أو من ورق مقوى و بلمس الأطفال لهذه الحروف يتعلمون أسماءها الواحد تلو الآخر أثناء عملية اللمس. بعد ذلك تعرض عليهم الحروف مكتوبة على الورق، وهنا تأتي المرحلة الثانية من مراحل تعلم الكتابة و هي تعلم الحروف عن طريق حاسة النظر .
– تعليم القراءة للطفل المعاق عقليا

تصر ” ماريا منتسوري ” على أهمية عنصر الفهم في القراءة فهي ( أي القراءة ) عبارة عن فهم الفكرة من الرموز المكتوبة و تبدأ دروس القراءة بأسماء الأشياء المعروفة أو الموجودة في الحجرة وهذا يسهل على الطفل عملية القراءة فهو يعرف مقدما كيف ينطق الأصوات التي تكون الكلمة. وخطواتها كما يلي :

يتناول الطفل بطاقة كتب عليها اسم شيء معين فيكون عمله مقصورا على ترجمة العلامات المكتوبة إلى أصوات فإذا قام بذلك بطريقة مناسبة فليس على المعلم إلا أن يشجعه على زيادة سرعة القراءة، ثم يضع الطفل البطاقة بجوار الشيء الذي تحمل اسمه ليتم الانتقال إلى قراءة الجمل .
تعليم الحساب للطفل المعاق عقليا :

تستخدم ” ماريا منتسوري ” في تعليم الأطفال الأعداد ما يسمى بطريقة السلم الطويل، و هي عبارة عن مجموعة من عشرة حبال طول الأول متر واحد و الأخير طوله عشرة سنتيمترات ــ يمكن أيضا استخدام عشر مساطر خشبية بنفس أطوال الحبال ــ وتنقل الحبال في الوسط بالتدرج ثم تثبت هذه الحبال من طرفيها مكونة سلماً تسميه ” ماريا منتسوري ” السلم الطويل و تقسم الحبال أو المساطر إلى أجزاء ديسميترية ( كل مسافة عشرة سنتيمترات ) وتنقش المسافات على الحبال بالأزرق و الأحمر على التوالي ( تمرينات الحس لتعويد الأطفال التمييز بين الأطوال ) .

و إذا ما تمرن الطفل على ترتيب الحبال طوليا يطلب منه أن يعد الأقسام الحمراء والزرقاء مبتدئا بالأقصر ثم يعطى أرقاما لكل حبل على سبيل التسمية فيستطيع الطفل أن يقول أن الحبل رقم ( 1 ) يحتوي على ( … ) وحدة من الوحدات الحمراء و ( … ) وحدة من الوحدات الزرقاء وهكذا في باقي الحبال فيتعلم الطفل مبادىء الجمع .

وللإشارة فقد ابتدعت ” ماريا منتسوري ” أجهزة مختلفة لتعليم العمليات الأربعة في الحساب بطريقة حسية يقبل عليها الأطفال بحب فيتعلمون و هم يلعبون .
الوسائل التربوية المستعملة في منهج مونتيسوري :
انطلاقًا من مبدأ التربية الذاتية و التعلم بحرية اعتمدت منتسوري وسائل تعليمية مختلفة يمكنكم الاطلاع على نماذج منها عبر هذا الرابط، إذ اعتبرت أن الحواس أساس التعلم و التنمية الذهنية.و عليه تعتمد طريقة منتسوري على استخدام وسائل متنوعة منها على سبيل المثال

– مجموعات من الأشكال الهندسية المختلفة.

– مجموعات من علب خشبية ذات أحجام مختلفة مرقمة من واحد إلى عشرة.

– مجموعة ألواح خشبية ذات أوزان مختلفة و أشكال هندسية مختلفة.

– أشكال هرمية و مخروطية و أسطوانات و دوائر.

– مجموعة متنوعة من الأجراس المتدرجة النغمات الصوتية.

– مجموعة أقمشة مختلفة.

– مجموعة أوراق ملونة و مختلفة.

– مجموعة من الأحرف الخشبية و بطاقات لتعليم الكتابة والقراءة (الصورة والكلمة).

كما تركز الطريقة على دور الآباء و أولياء الأمور في نمو أطفالهم، فمن الواجب عليهم الوعي بحاجاتهم، و تهيئة بيئة البيت المناسبة لهم من ناحية الديكور والراحة، لأنها تعتبر أن دور الأهل مكمل لدور المدرسة ومساعد في النمو الإيجابي للطفل.
ألعاب تعليمية تتوافق مع طريقة مونتيسوري :لعبة حمل الكرسي : لعبة تتناسب مع الأطفال من 22 إلى 55 سنوات، حيث يتم حمل الكرسي إلى المكان المطلوب و تحاشي الاصطدام بما يوجد في المكان من أشخاص وأشياء، على أن يبقى مقعد الكرسي أفقيا طوال الوقت .لعبة تلميع الأحذية : للأعمار من 3 إلى 5 سنوات، المطلوب إدخال اليد اليسرى في الحذاء و رفعه إلى مستوى مناسب ثم مسك الخرقة باليد اليمنى ، بعد أن نضع عليها قليلا من المادة الملمعة ثم تمريرها على الحذاء.ألعاب الأزرار : للأطفال من سنتين و نصف إلى 3 سنوات، الهدف من هذه اللعبة هو تعليم الطفل التمييز بين الألوان المختلفة، حيث يضع الطفل جميع الأزرار ذات اللون الواحد في صحن مستقل، بعد ذلك يتعرف الطفل أسماء الألوان.لعبة السير على الخط : للأعمار من 3 إلى 5 سنوات، الهدف الرئيسي من هذه اللعبة التعليمية هو التمرن و التعود على حفظ التوازن و رشاقة الحركة. حيث يقوم المعلم أو المعلمة بالمشي فوق خيط و هو يضع إحدى قدميه أمام الأخرى و يشدد على ضرورةالتوازن. بعد ذلك يقوم الطفل بالسير على الخيط بقدر ما يستطيع من الهدوء و هو يحمل أشياء مختلفة. يمكن تشكيل الخيط بأشكال مختلفة كالدائرة أو رقم 8 …
1000 ليرة إيطالية نقدية عليها صورة ماريا مونتيسوري.
منهج مونتيسوري التعليمي متبع منذ قرن من الزمن فهل مازال صالحا اليوم ؟
يظل منهج مونتيسوري التعليمي الأصلي ( الجوهر ) بمثابة العمود الفقري لأي طريقة تستلهم مبادئه و فلسفته، يكفي فقط إدخال التغييرات المناسبة ( كاستعمال الحاسوب و تعديل تمارين الحياة العملية لجعلها متماشية مع الثقافة ) لجعل التعليم مناسبا للبيئة و المحيط الذي لا محالة يفرض نفسه في العملية التعليمية. وعلى العموم فأفكار مونتيسوري مازالت تثبت جدارتها لأن مراحل التطور الإنساني لم تتغير. أضف إلى ذلك أن الأبحاث المعاصرة تؤكد و تكرر ما قالته مونتيسوري – منذ سنوات خلت – في مجال تعليم الأطفال. الجواب إذن هو نعم.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.