التحرش الجنسي مشكلة الرجال .. وليس النساء!

تقول كاتبة المقال كيتلين موران – وهي كاتبة صحفية ومدافعة عن حقوق المرأة- أنها لا تحتفي بالنساء اللاتي يتصفن بالجرأة أو “الوقاحة” أحيانًا ويتسكعن مع الشباب ويتفاخرن بذلك. فليست كل النساء وقحات وهي حقيقة واضحة كالشمس وسهلة الفهم لكنها لا تصل لكثير من الناس. تضيف الكاتبة أن هناك الكثير من النساء يتميزن بالخجل أو الحياء أو الانطوائية بحيث لا يستطعن التعبير عن أنفسهن ويفتقدن لطلاقة اللسان وهناك أخريات واقعات تحت ضغوط نفسية شديدة ولا يمكنهن التصرف في أي موقف.

تضيف موران أنه طالما وصلنا إلى هذه اللحظة من الصدق والصراحة، فلابد أن نعترف بالمشكلة التي تواجهها النساء العاملات وهي التحرش الجنسي الذي يعتبر ظاهرة موجودة في كل وظيفة وعلى كل المستويات- على حد تعبير موران- التي ترى أن العديد من المعلقين يعتقدون أن نسبة كبيرة من المشكلة ترجع إلى كون النساء لسن وقحات بما يكفي حيث يرون أن المشكلات التي تواجه النساء من تحرش وإساءة يمكن القضاء عليها في المهد إذا امتلكت النساء الجرأة الكافية وتصرفن بشجاعة كأن يقلن شيئًا مضحكًا أو سريعًا أو يقمن بأي تصرف عنيف. يرفض هؤلاء المعلقين إظهار المرأة ضعفها أمام وسائل الإعلام بل والبكاء على الشاشات عقب هذه الحوادث ويرون أن المرأة بإمكانها إيقاف هذه الإساءة إذا تصرفت بشجاعة أو بوقاحة كما قلنا في السابق.

تقول المعلقات من النساء واللاتي اجتمعن للتحدث حول كيفية تصرفهن إزاء هذه الأحداث المؤسفة فيقلن في أحد اللقاءات: “لقد تعرضنا بالطبع -في بداية عملنا لمضايقات مثل بعض الضربات على أماكن من أجسادنا أو مقابلة بعض السكارى المترنحين حولنا، كما تلقينا بعض الاقتراحات بأننا إذا أقمنا علاقات مع أحدهم فهذا من شأنه أن يعزز مسارنا المهني ولكننا أوقفنا هذه المضايقات كلها بأننا أصبحنا وقحات وجريئات، وهذا ما نود أن نعلمه للشابات الصغيرات.”

في هذا المقام -يُقترض أن المرأة بالنسبة للرجل كمروض الأسد بالنسبة للأسد: من طبيعة الأسد أنه يريد أن يلتهم مروضه بينما المروض عليه أن يتعلم كيف يمنع ذلك. ينبغي على النساء أن يتعلمن الحيل لتقييد رغبات الرجل الجنسية. إنها مهارة أخرى لابد أن تكتسبها المرأة- مثل الولادة والعناية بالأطفال والاعتياد على تلقي أجور غير عادلة والاستنزاف المستمر لوقتها وطاقتها. وهاهو جزء من حياتها يقتطع منها للتعامل مع هذه النماذج المريضة من البشر.

توصي النساء بوجوب امتلاك فتيات الألفية الجدية لهذه الصفة “الجرأة”. ولكن هذا الانتصار النسائي يتجاهل أمرين: الأول هو أن هؤلاء النساء يبدون عافلات بالنسبة للأصوات غير المسموعة. فنحن لا نرى ورقة كبيرة مطبوعة في شكل أعمدة صحفية أو نساء يظهرن في مقابلات تليفزيونية واللاتي لم يستطعن التعامل مع التحرش بشجاعة لأنهن تركن العمل أو تم فصلهن نظرًا لعدم تمكنهن من اكتساب صفة الوقاحة كما أشرنا. لذلك لم تتمكن هؤلاء النساء من الصمود أو الدفاع عن أنفسهن وعن حقوقهن في العمل من ترقيات وغيره.

وثاني هذه العوامل: هو أن هؤلاء النساء الشجاعات والجريئات تمكن من اقتناص فرص مهنية كبيرة لأنفسهم

ولكن ليس عن طريق تطوير أي شئ. فعبرن عن أنفسهن بقولهن: “لم يكن الأمر رائعًا، أن تعترف بأنك لم تغير شيئًا ولكن ببساطة وجدت طريقًا لنفسك تسلكه ثم تركت مكان العمل مثلما وجدته: مستغل لصغار الموظفين، يتضمن نساء غير متمكنات في بداية مشوارهن المهني واللاتي يقوم الجميع الآن بتوبيخهن بنوع من التعالي”.

تلوم الكاتبة على النساء اللاتي سكتن على حقوقهن وانسحبن من  الساحة بأنهن كن السبب في بقاء المتحرشين في وظائفهم كما كانوا في السابق.

ولكنها طريقة جديدة للقيام بالأشياء؛ الطريقة الشجاعة. وفي حين أن الجرأة الناجحة تجعل التحرش الجنسي مشكلة المرأة – فها هي قطعة أخرى من المتغيرات الاستثنائية ولعبة الحبل المشدود المتوازن – إن قول الحقيقة يحول حقيقة التحرش الجنسي إلى ما هو حقيقي فعلًا: انها مشكلة الرجال وليس النساء.

المصدر :  www.thetimes.co.uk

 

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.