حنان نصار تكتب لمجلة حرة : ” قبعات التفكير الست ” للعالم إدوارد دي بونو

 فى ثمانينيات القرن الماضى خرج العالم إدوارد دى بونو بنظرية ” القبعات الست ” حاول بعض العلماء أن يتعمقوا فى دراسة وتحليل العملية التفكيرية عند الإنسان، وسعوا إلى تنميتها وتقسيمها حتى يسهل التعامل معها.

لمعت فكرة قبعات التفكير فى ذهن دى بونو أثناء سفره، وشرارة هذه الفكرة إنطلقت لدى مقارنته بين طريقة تفكير الغرب وطريقة تفكير الشرق.

 فالطريقة الأولى ( الغرب ) تقوم على التفكير المتعاكس بين الأفراد المجتمعين، حيث يبدى كل طرف وجهة نظره فى مسألة ما، ويجادل الآخر لإثبات صحة هذا الرأى، وهذا يجعل الأفكار متعاكسة، أى كل فكرة تقابلها فكرة مختلفة، مما يجعل الأفكار تتجاذب فى أحيان كثيرة فتصبح المحصلة صفرًا فى النهاية، وذلك وفقًا للقانون الفيزيائى الذى أثبت أن دفع الجسم من هذه الجهة، ومن الجهة المقابلة بنفس القدر يفقده الحركة، فتكون المحصلة صفرًا، وإسقاط هذا القانون على طريقة التفكير المتعاكس يعنى أن الجدال أحيانًا لا يؤدى إلى نتيجة مرضية، فى حين كنا نعتقد أن هذا الجدال سبيل لتحقيق الموضوعية فى التفكير. أما الطريقة الثانية ( الشرق ) تعتمد على التفكير المتوازى التى يستخدمها اليابانيون بنجاح فى إدارة إجتماعاتهم تقوم على التشارك بالرأى بإستخدام عدة أنماط متوازية فى التفكير، فكل نمط يوازى النمط الآخر ولا يعاكسه، وذلك من أجل الوصول إلى نتائج وقرارات سريعة وفعالة.

وأيضًا تتلخص فى وجود صدامات بسبب إختلاف أنماط التفكير فى حالة وجود أكثر من شخص يبدى رأيه… قد تطغى على جلسة النقاش روح التفاؤل والتى تجعل من القرار الصادر حلمًا عسير المنال، أو يسيطر على الحضور التفكير العاطفى، فيخرج القرار متهورًا، وقد تسود الجلسة خلافات حادة بسبب إختلاف التوجهات، فتخرج بلا شىء بالطبع.

التفكير ليس موضوعًا سهلاً، إنما هو مهارة تحتاج إلى التدريب وإلى النية، فلو نويت أن تكون مفكرًا يمكنك ذلك تمامًا كما لو تظاهرت بالابتسام فلربما تصبح أكثر سعادة.

دى بونو يطرح هنا طريقة مسلية تجعلك أو من ينضم إليك فى التفكير تتقمص دور 6 شخصيات مختلفة كل منها ترتدى – إفتراضيًا – قبعة ذات لون مختلف …

دعونا نتسائل ما هذه القبعات وكيف نتعامل معها؟

هى عبارة عن ستة أنماط تمثل أكثر أنماط التفكير الشائعة عند الناس.

فأسلوب القبعات الست هو تمثيل وتقمص لدور ما فهى قبعات نفسية أى أن أحدًا لن يلبس أية قبعة حقيقية، فمفتاح الموضوع ليس منع أى نوع من التفكير، وإنما إعطاء كل نوع من التفكير اسمه، فهذه الطريقة تعطيك الفرصة لتوجه الشخص إلى أن يفكر بطريقة معينة ثم تطلب منه التحول إلى طريقة.

هذا التوجيه يجعل الحاضرون يفكرون دون حواجز ودون خوف. وحينما نتحول من نوع التفكير إلى آخر عن إتفاق وقصد، فإن الذى يكون فى موقف الناقد دومًا تفكير يصبح فى وضع ضعيف ما لم يغير طريقته المعتادة، ويتوقف عن الهجوم على الآخرين.

إختيار دى بونو لألوان القبعات كان لسهولة الحفظ والربط بالمعنى المراد من القبعة.

*أنواع القبعات الست وخصائصها:-

    إستخدام قبعات التفكير يحقق عدة أغراض هامة منها:

  • 1- الإبتعاد عن التحيز وتحقيق الموضوعية والمصداقية والعدالة، وتوضيح الأفكار والوعى بها أكثر، وتحقيق التنوع والإتزان بالتفكير، وتوجيه التفكير نحو أفكار جديدة ومبدعة، والقبعة البيضاء ترمز إلى التفكير الحيادى.
  • 2- القبعة الحمراء وترمز إلى التفكير العاطفى.
  • 3- القبعة السوداء وترمز إلى التفكير السلبى.
  • 4- القبعة الصفراء وترمز إلى التفكير الإيجابى.
  • 5- القبعة الخضراء وترمز إلى التفكير الإبداعى.
  • 6- القبعة الزرقاء وترمز إلى التفكير الموجه.

*القبعة البيضاء:-

    وترمز إلى التفكير الحيادى القائم على أساس التساؤل من أجل الحصول على حقائق أو أرقام فهى قد تكون مؤكدة أو غير مؤكدة.

*سمات مرتدو هذه القبعة:-

  • طرح وتجميع المعلومات أو الحصول عليها.
  • التركيز على الحقائق والمعلومات.
  • التجرد من العواطف والرأى.
  • الإهتمام بالوقائع والأرقام والإحصاءات.
  • الحيادية والموضوعية التامة وتمثيل دور الكمبيوتر فى إعطاء المعلومات أو تلقيها دون تفسيرها.
  • الإهتمام بالأسئلة المحددة للحصول على الحقائق أو المعلومات.
  • الإجابات المباشرة والمحددة على الأسئلة.
  • التمييز بين درجة الصحة فى كل رأى.
  • الإنصات والإستماع الجيد.

*مطلوب منك أن:-

  • تحاول أن تلبسها للآخرين.
  • إستعمالها فى بداية الجلسة.

*القبعة الحمراء:-

    وترمز إلى التفكير العاطفى إنه عكس التفكير الحيادى فهو القائم على ما يكمن فى العمق من عواطف ومشاعر هو رؤية مفاجئة أو فهم خاطف لموقف معين، قائم على الإحساس والشعور والذى قد لا يكون هناك كلمات للتعبير عنه، ولكن كلما حقق هذا النوع من التفكير نجاحًا كلما ازداد الإعتماد عليه والثقة فيه.

* سمات مرتدو هذه القبعة:-

  • إظهار المشاعر والأحاسيس وليس بالضرورة بوجود مبرر.
  • الإهتمام بالمشاعر فقط بدون حقائق أو معلومات.
  • تبين الجانب الإنسانى غير العقلانى وتتميز غالبًا بالتحيز أو التخمينات التى لا تصل إلى درجة جعلها فرضيات، أى مشاعر ليس لها سوى إحساس الفرد بها فقط.
  • المبالغة فى تحليل الجانب العاطفى وإعطاؤه وزنًا أكبر من المعتاد.
  • رفض الحقائق أو الآراء دون مبرر عقلى.

*مطلوب منك أن:-

  • تحاول أن تنبه الآخرين إلى عدم إرتدائهم لها.
  • تحاول أن تجعل المقابل يرتديها لتعرف حقيقة مشاعره للأمر.
  • الإقلال من إستعمالها فى جلسات العمل.

*القبعة السوداء:-

    وترمز إلى التفكير السلبى ( النقدى ) إن أساس هذا التفكير، المنطق والناقد والتشاؤم، أنه دائمًا فى خط سلبى واحد، سواء فى تصوره للأوضاع المستقبلية، أو تقييمه لأوضاع ماضيه، ورغم أنه يبدو منطقيًا فإنه ليس عادلاً بإستمرار وغالبًا ما يركز على أشياء فرعية أو صغيرة، التفكير هنا ناتج من الخوف أو عدم الرضا، إنه سهل الإستعمال ويعطى قناعة لدى البعض بأنهم فى دائرة الضوء، ويعطيهم الإحساس بالتميز عن مقدمى أى فكرة أو إقتراح.

*سمات مرتدو هذه القبعة:-

  • نقد الآراء ورفضها بإستعمال المنطق.
  • التشاؤم.
  • إيضاح نقاط الضعف فى أى فكرة والتركيز على الجوانب السلبية لها.
  • التركيز على إحتمالات الفشل والعوائق والمشاكل.
  • التركيز على الجوانب السلبية.
  • عدم إستعمال الإنفعالات والمشاعر بوضوح.

*مطلوب منك أن:-

  • تحاول أن ترتديها حتى لا تبالغ فى التفاؤل أو تغامر بدون حساب.
  • تحاول أن تميز المتحدث عندما يرتديها.
  • عندما ترتديها إعترف بنقاط الضعف وإقترح كيفية التغلب عليها.
  • عندما تحاور من يرتديها لا ترفض المخاطر أو المشاكل بل قدم حلولاً لها أو بين خطأ الرأى المضاد.
  • إستعمالها مع القبعة الصفراء للتعرف على سلبيات وإيجابيات أى إقتراح.

*القبعة الصفراء:-

    وترمز إلى التفكير الإيجابى، إن هذا التفكير معاكس تمامًا للتفكير السلبى، ويعتمد على التقييم الإيجابى، إنه خليط من التفاؤل والرغبة فى رؤية الأسياء تتحقق والحصول على المنافع، وقليل من الناس يتبعون هذا التفكير، ويتزايد عددهم إذا كانت الأفكار المطروحة تتمشى مع أفكارهم. وهناك نوع من الناس المتفائلين لدرجة التهور أحيانًا ويتخذون بعض القرارات على أساس نظرة تفاؤلية مبالغ فيها. وهذا النوع من التفكير يحتاج إلى حجج قوية حتى لا ينقلب إلى نوع من التخمين، ورغم أهميته فى طريقة التفكير، إلا أنه ليس كافيًا ويحتاج إلى النقد السلبى ليحصل التوازن. ومجالاته الأساسية هى حل المشكلات وإقتراح التحسينات وإستغلال الفرص وعمل التصميمات اللازمة للتغيرات الإيجابية. وإستخدامه يتطلب القدرة على الجمع بين العوامل والمكونات للمشكلات والقدرة أيضًا على فصلها بعضها عن البعض لكى يقدم حلاً أة تصور أو تصميمًا.

*سمات مرتدو هذه القبعة:-

  • التفاؤل والإقدام والإستعداد للتجربة.
  • التركيز على إبراز إحتمالات النجاح وتقليل إحتمالات الفشل.
  • تدعيم الآراء وقبولها بإستعمال المنطق وإظهار الأسباب المؤدية للنجاح.
  • إيضاح نقاط القوة فى الفكرة.
  • تهوين المشاكل والمخاطر.
  • الإهتمام بالفرص المتاحة والحرص على إستغلالها.
  • عدم إستعمال المشاعر والإنفعالات بوضوح بل إستعمال المنطق وإظهار الرأى بصورة إيجابية ومحاولة تحسينه.
  • يسيطر على صاحبها حب الإنتاج والإنجاز وليس بالضرورة الإبداع.
  • يتمتع بأمل كبير وأهداف طموحة.

*مطلوب منك أن:-

  • تحاول أن ترتدى القبعة الصفراء قبل وبعد السوداء عند مناقشة أى إقتراح ليحدث التوازن.
  • تحاول أن تميز الحديث عندما يرتدى صاحبه هذه القبعة.

*القبعة الخضراء:-

    وترمز إلى التفكير الإبداعى، لقد إختار دى بونو اللون الأخضر ليكون مركزًا للإبداع والإبتكار إنه مثل نمو النبات الكبير من الغرسة الصغيرة، إنه النمو، إنه التغير، والخروج من الأفكار القديمة. وقد تكون أهمية التفكير فنحن نستخرج أفكارًا تتجاوز التفكير الموجود عادة.

*سمات مرتدو هذه القبعة:-

  • البحث عن البدائل لكل أمر.
  • الحرص على الجديد من الأفكار والآراء والمفاهيم والتجارب.
  • لا يمانع فى إستغراق بعض الوقت والجهد للبحث عن الأفكار والبدائل الجديدة.
  • إستعمال طرق الإبداع ووسائله.
  • محاولة تطوير الأفكار الجديدة.
  • الإستعداد لتحمل المخاطر وإستكشاف الجديد.

*مطلوب منك أن:-

  • عندما تستعمل هذه القبعة إتبعها بالسوداء والصفراء حتى تعرف سلبيات وإيجابيات الفكرة الجديدة.
  • حاول أن ترتديها قبل الإختيار بين البدائل المطروحة فلعلك تجد أفكارًا أو بدائلاً جديدة.
  • حاول أن تنتبه عندما يرتديها الشخص المقابل وساعده على تطوير الأفكار الجيدة.

*القبعة الزرقاء:-

    وترمز إلى التفكير الموجه ( الشمولى )، إنه تفكير النظرة العامة، والسبب فى إختيار اللون الأزرق هو أن السماء زرقاء وهى تغطى كل شىء وتشمل تحتها كل شىء، وثانيًا لأن اللون الأزرق يوحى بالإحاطة والقوة كالبحر، إننا حين نلبس القبعة الزرقاء فنحن لا نفكر بالموضوع المطروح للبحث، وإنما نفكر بالتفكير، نفكر كيف نوجه التفكير اللازم للوصول إلى أحسن نتيجة. إن عمل تفكير القبعة الزرقاء يشبه مخرج المسرحية، إنه يقرر أدوار الممثلين، ومتى سيدخلون، ومتى سيقفون، والدور المناسب لكل منهم. يقوم صاحب القبعة الزرقاء بتقرير أى القبعات يجب أن تنشط ومتى يكون عملها. إنه يضع الخطة لتفكير القبعات المختلفة ويتابع إعطاء التعليمات فى نسق معين، إن دى بونو يفرق بين المفكر الجيد والمفكر غير الجيد، والفرق عنده هو فى القدرة على التركيز، فهناك التفكير بالمعنى الواسع العام، وليس هذا هو التفكير الجيد، وإنما التفكير الجيد هو القدرة على توجيه التفكير بشكل محدد نحو المسألة المطروحة للبحث والوصول إلى أحسن الأجوبة.

*سمات مرتدو هذه القبعة:-

  • البرمجة والترتيب وخطوات التنفيذ والإنجاز.
  • توجيه الحوار والفكر والنقاش للخروج بأمور عملية.
  • التركيز على محور الموضوع وتجنب الخروج عن الموضوع.
  • تميز بين الناس وأنماط تفكيرهم أى صاحبها يرى قبعات الآخرين بوضوح.
  • توجيه أصحاب القبعات الأخرى (وغالبًا بواسطة الأسئلة) ومنع الجدل بينهم.
  • التلخيص للآراء وتجميعها وبلورتها.
  • يميل صاحبها لإدارة الإجتماع حتى ولو لم يكن رئيس الجلسة.
  • يميل للإعتراف بأن الآراء الأخرى جيدة تحت الظروف المناسبة ثم يحلل الظروف الحالية ليبين ما هو الرأى المناسب فى هذه الحالة يميل للتلخيص النهائى للموضوع أو تقديم الإقتراح الفعال المقبول والمناسب.

*مطلوب منك أن:-

  • تحاول أن ترتديها وخاصة عند نضج الموضوع فى نهاية الجلسة.
  • تحاول أن تميز من يرتديها وساعده على عدم السيطرة إلى أن ينضج الموضوع ثم ساعده فى أداء دوره ولا تسمح بإرتدائها فى أول الجلسة.

ما أهم إستخدامات قبعات التفكير؟

    يمكن إستخدام طريقة عمل قبعات التفكير فى مجالات عديدة فى الحياة، سواء فى التعليم أو الإعلام أو القضاء، أو الأسرة والعلاقات الإجتماعية، وفى مجالات الأعمال كلها وإتخاذ القرارات…. ففى التعليم مثلاً، يمكن للمعلم أن يعلم الطلاب مهارات التفكير من خلال لعبة القبعات، فعندما يعرفون عمل كل قبعة سيحفزهم ذلك على التفكير بعمق فى كل نمط من الأنماط الستة، لا سيما وأن إستخدام اللعب فى التعليم يدفع الطالب إلى التركيز أكثر على المعلومة فيستفيد منها بشكل أكبر وممتع.

     وإستخدام القبعات فى مجال الإعلام يحقق الموضوعية والمصداقية وهما شرطان أساسيان لأى مادة إعلامية ناجحة، فالمشاهد أو القارىء لن يقتنع عندما يقرأ مثلاً مقالاً صحفيًا لا يتضمن إلا الإيجابيات الظاهرة المدروسة التى يتحدث عنها أو سلبياتها فقط، أو لا يتضمن أرقامًا ومعطيات معينة ووثائق توضح هذه الظاهرة وكذلك حلولاً مبدعة لها.

أمثلة لمفهوم كل قبعة:-

  • القبعة الحمراء: أنا أحب الله سبحانه وتعالى.
  • القبعة الخضراء: دعونا نبحث عن فكرة جديدة.
  • القبعة الصفراء: هذه الفكرة لديها عدة إيجابيات كوجود حل بديل.
  • القبعة السوداء: هذه الفكرة لديها عدة سلبيات كقلة عدد الموارد المتاحة لدينا.
  • القبعة الزرقاء: لدينا الآن أربع إقتراحات، ما هى الخطوة القادمة؟؟
  • القبعة البيضاء: لدينا عدد 55 طالب فى المدرسة 30 ولد و 25 بنت.

مصادر:-

    كتاب قبعات التفكير الست ( للكاتب / إدوارد دى بونو ).

أسئلة للقارىء:-

    أى نوع من أنواع القبعات تستخدمها؟؟؟؟؟

    هل سماتك تتفق مع ما ورد فى المقال؟؟؟؟؟

    هل إقتنعت بإستبدال قبعتك؟؟؟؟؟ 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.